يا أهل قباء إن الله أثنى عليكم، فماذا تصنعون عند الغائط؟ قالوا: نتبع الغائط الأحجار ثم نتبع الأحجار الماء فكان الجمع سنة على الاطلاق في كل زمان، وهو الصحيح، وعليه الفتوى، وقيل ذلك في زماننا لأنهم كانوا يبعرون اه إمداد.
ثم اعلم أن الجمع بين الماء والحجر أفضل، ويليه في الفضل الاقتصار على الماء، ويليه الاقتصار على الحجر، وتحصل السنة بالكل وإن تفاوت الفضل كما أفاده في الامداد وغيره. قوله:
(ويجب أي يفرض غسله) أعاد الضمير على الغسل دون الاستنجاء، لان غسل ما عدا المخرج لا يسمى استنجاء، وفسر الوجوب بذلك لان المراد بالمجاوز ما زاد من الدرهم بقرينة ما بعده، ولقوله في المجتبى: لا يجب الغسل بالماء إلا إذا تجاوز ما على نفس المخرج وما حوله من موضع الشرج، وكان المجاوز أكثر من قدر الدرهم ا ه. ولذا قيد الشارح النجس بقوله: مانع. والشرج بالشين المعجمة والجيم: مجمع حلقة الدبر الذي ينطبق كما في المصباح. قوله: (إن جاوز المخرج) يشمل الإحليل، ففي التاترخانية: وإذا أصاب طرف الإحليل من البول أكثر من الدرهم يجب غسله هو الصحيح. ولو مسحه بالمدر، قيل يجزئه قياسا على المقعدة، وقيل لا، وهو الصحيح ا ه.
أقول: والظاهر أنه لو أصاب قلفة الأقلف القدر المانع فحكمه كذلك.
تنبيه: مقتضى اقتصارهم على المخرج: أي وما حوله من موضع الشرج كما قدمناه آنفا عن المجتبى أنه يجب غسل المجاوز لذلك وإن لم يجاوز الغائط الصفحة، وهي ما ينضم من الأليتين عند القيام والبول الحشفة، خلافا للشافعية حيث اكتفوا بالحجر إن لم يجاوز ذلك. قوله: (ويعتبر الخ) أي خلافا لمحمد.
والحاصل أن ما جاوز المخرج إن زاد على الدرهم في نفسه يفترض غسله اتفاقا، وإن زاد بضم ما على المخرج إليه لا يفرض عندهما بناء على أن ما على المخرج في حكم الباطن عندهما، فيسقط اعتباره مطلقا حتى لا يضم إلى ما على بدنه من النجس. وعند محمد يفرض غسله بناء على أن ما على المخرج في حكم الظاهر عنده، فلا يسقط اعتباره ويضم، لان العفو عنه لا يستلزم كونه في حكم الباطن بدليل وجوب غسله في الجنابة والحيض، وفيما لو أصابه نجس من غيره على الصحيح ا ه. نوح على البرهان. والصحيح قولهما. قاسم.
قلت: وعليه الكنز والمصنف، واستوجبه في الحلية قول محمد، وأيده بكلام الفتح حيث بحث في دليلهما، وبقول الغزنوي في مقدمته قال أصحابنا: من استجمر بالأحجار وأصابته نجاسة يسيرة لم تجز صلاته. لأنه إذا جمع زاد على الدرهم ا ه. وقدمنا عن الاختيار أنه الأحوط، وعليه فالواجب ليس غسل المتجاوز بعينه ولا الجميع، بل المتجاوز أو ما على المخرج كما حرره في الحلية: أي لأنه لو ترك أحدهما وهو درهم أو أقل كان عفوا، ثم قال: إن قولهم بوجوب غسل قدر الدرهم لقربه من الفرض، وهو الزائد على قدر الدرهم، الظاهر أنه من تصرفات بعض المشايخ، وأنه غير مأثور عن أصحاب المذهب، لان الحكم الشرعي لا يثبت بمجرد الرأي ا ه. وقدمنا عنه في الأنجاس نحو ذلك. قوله: (لصلاة) متعلق بالمانع. قوله: (ولهذا الخ) استدلال على سقوط اعتبار ما على المخرج، وفيه أن ترك غسل ما على المخرج إنما لا يكره بعد الاستجمار كما عرفته