العلامة البيري: ومنه يعلم حكم الوشمة، ولا ريب في عدم جواز كونه إماما بجامع النجاسة. ثم نقل عن شرح المشارق للعلامة الأكمل أنه قيل: يصير ذلك الموضع نجسا، فإن لم يمكن إزالته إلا بالجرح: فإن خيف منه الهلاك أو فوات عضو لم تجب، وإلا وجبت، وبتأخيره يأثم، والرجل والمرأة فيه سواء ا ه.
أقول: وعليه لو أصاب ماء قليلا أو مائعا نجسه، لكن تعبير الاكل بقيل يفيد عدم اعتماده، وهو مذهب الشافعية، فالظاهر أنه نقله عنهم. والفرق بين الوشمة وبين السن على القول بنجاستها ظاهر، فإن السن عين النجاسة والوشمة أثر، فإن ادعى أن بقاء الون دليل على بقاء العين رد بأن الصبغ والإختضاب كذلك فيلزم عدم طهارته، وإن فرق بأن الوشمة امتزجت باللحم والتأمت معه بخلاف الصبغ نقول: إن ما تداخل في اللحم لا يؤمر بغسله كما لو تشربت النجاسة في يده مثلا، وما على سطح الجلد مثل الحناء والصبغ، وقد صرحوا بأنه لو اكتحل بكحل نجس لا يجب غسله، ولما جرح (ص) في أحد جاءت فاطمة رضي الله عنها فأحرقت حصيرا وكمدت به حتى التصق بالجرح فاستمسك الدم.
وفي مفسدات الصلاة من خزانة الفتاوي: كسر عظمه فوصل بعظم الكلب ولا ينزع إلا بضرر جازت الصلاة، ثم قال لو في يده تصاوير ويؤم الناس لا تكره إمامته ا ه. وفي الفتاوي الخيرية من كتاب الصلاة: سئل في رجل على يده وشم هل تصح صلاته وإمامته معه أم لا؟ أجاب نعم تصح صلاته وإمامته بلا شبهة، والله أعلم ا ه. قوله: (إلا دهن ودك ميتة) الأولى أن يقول: إلا ودك دهن ميتة، لان الودك الدسم كما في القاموس. قوله: (حتى لا يدبغ به جلد) أي لا يحل ذلك وإن كان لو دبغ ثم غسل طهر. قال في القنية: الكيمخت المدبوغ بدهن الخنزير إذا غسل يطهر، ولا يضر بقاء الأثر. وفي الخلاصة: وإذا دبغ الجلد بالدهن النجس يغسل بالماء ويطهر والتشرب عفو ا ه. قوله:
(بل يستصبح به الخ) ظاهر ما سيأتي في باب البيع الفاسد أنه لا يحل الانتفاع به أصلا، وإنما هذا في الدهن المتنجس فقط، يؤيده ما في صحيح البخاري عن جابر أنه سمع رسول الله (ص) عام الفتح يقول وهو بمكة: إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى به السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، قال: لا، هو حرام الحديث. قوله: (وإلا فمستعمل) أي وإن لم يكن الغاسل مكلفا، بأن كان صغيرا أو مجنون يعتبر ظن المستعمل للثوب لأنه هو المحتاج إليه. زيلعي. قوله: (طهارة) بالنصب مفعول ظن. قوله: (بلا عدد به يفتى) كذا في المنية. وظاهر أنه لو غلب على ظنه زوالهما بمرة أجزأه، وبه صرح الامام الكرخي في مختصره، واختاره الامام الأسبيجابي، وفي غاية البيان أن التقدير بالثلاث ظاهر الرواية.
وفي السراج اعتبار غلبة الظن مختار العراقيين، والتقدير بالثلاث مختار البخاريين، والظاهر الأول إن لم يكن موسوسا، وإن كان موسوسا فالثاني ا ه. بحر. قال في النهر: وهو توفيق حسن ا ه. وعليه جرى صاحب المختار، فإنه اعتبر غلبة الظن إلا في الموسوس، وهو ما مشى عليه المصنف،