مكثت ساعة ولحست فمها فمكروه. منية. ولا ينجس عندهما. وقال محمد: ينجس لأن النجاسة لا تزول عنده إلا بالماء، وينبغي أن لا ينجس على قوله إذا غابت غيبة يجوز معها شربها من ماء كثير.
حلية. قوله: (مغلظ) وفي رواية عن الثاني أن سؤر ما لا يؤكل كبول ما يؤكل، والذي يظهر ترجيح الأول. بحر. قوله: (مخلاة) بتشديد اللام: أي مرسلة تخالط النجاسات ويصل منقارها إلى ما تحت قدميها، أما التي تحبس في بيت وتعلف فلا يكره سؤرها، لأنها لا تجد عذرات غيرها حتى تجول فيها وهي في عذرات نفسها لا تجول بل تلاحظ الحب بينه فتلتقطه كما حققه في الفتح، وتمامه في البحر. قوله: (وإبل وبقر جلالة) أي تأكل النجاسة إذا جهل حالها، فإن علم حال فمها طهارة ونجاسة فسؤرها ا ه. مقدسي.
أقول: الظاهر أنه أراد بالجلالة غير التي أنتن لحمها من أكل النجاسة، إذ لو أنتن فالظاهر الكراهة بلا تفصيل لأنهم صرحوا بأنها لا يضحى بها كما يأتي في الأضحية. قال في شرح الوهبانية:
وفي المنتقى الجلالة المكروهة التي إذا قربت وجدت منها رائحة، فلا تؤكل ولا يشرب لبنها ولا يعمل عليها، ويكره بيعها وهبتها وتلك حالها، وذكر البقالي أن عرقها نجس ا ه. وصرح المصنف في الحظر والإباحة أنه يكره لحم الأتان والجلالة. قال الشارح هناك: وتحبس الجلالة حتى يذهب نتن لحمها. وقدر بثلاثة أيام لدجاجة وأربعة لشاة، وعشر لابل وبقر على الأظهر، ولو أكلت النجاسة وغيرها بحيث لينتن لحمها حلت ا ه. وبه علم أن الجلالة التي يكره سؤرها هي التي لا تأكل إلا النجاسة حتى أنتن لحمها لأنها حينئذ غير مأكولة، ولذا قال في الجوهرة: فإن كانت تخلط أو أكثر علفها علف الدواب لا يكره سؤرها ا ه قلت: بقي شئ، وهو أن الغالب أن الإبل تجتر كالغنم وجرتها نجسة كسرقينها كما سيأتي، ومقتضاه أن يكون سؤرها مكروها وإن لم تكن جلالة، ولم أرى من تعرض له، وإنما المفهوم من إطلاقهم عدم الكراهة، فليتأمل. قوله: (لم يعلم ربها طهارة منقارها) لما روى الحسن عن أبي حنيفة: إن كان هذا الطير لا يتناول الميتة مثل البازي الأهلي ونحوه لا يكره الوضوء، وإنما يكره في الذي يتناول الميتة، وروي عن أبي يوسف أيضا مثله. حلية. قوله: (وسواكن بيوت) أي مما له دم سائل كالفأرة والحية والوزغة، بخلاف ما لا دم له كالخنفس والصرصر والعقرب فإنه لا يكره كما مر، وتمامه في الامداد. قوله: (طاهر للضرورة) بيان ذلك أن القياس في الهرة نجاسة سؤرها لأنه مختلط بلعابها المتولد من لحمها النجس، لكن سقط حكم النجاسة اتفاقا لعلة الطواف المنصوصة بقوله (ص): إنها ليست بنجسة، إنها من الطوافين عليكم والطوافات أخرجه أصحاب السنن الأربعة وغيرهم. وقال الترمذي: حسن صحيح. يعني أنها تدخل المضائق، ولازمه شدة المخالطة بحيث يتعذر صون الأواني منها، وفي معناها سواكن البيوت للعلة المذكورة، فسقط حكم النجاسة للضرورة وبقيت الكراهة لعدم تحاميها النجاسة. وأما المخلاة فلعابها طاهر فسؤرها كذلك، لكن لما كانت تأكل العذرة كره سؤرها ولم يحكم بنجاسته للشك، حتى لو علمت النجاسة في فمها تنجس، ولو علمت الطهارة انتفت الكراهة.
وأما سباع الطير فالقياس نجاسة سؤرها كسباع البهائم بجامع حرمة لحمها، والاستحسان طهارته لأنها تشرب بمنقارها وهو عظم طاهر، بخلاف سباع البهائم لأنها تشرب بلسانها المبتل بلعابها