مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي. وأعطيت الشفاعة. وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة رواه الشيخان وغيرهما، بل قال السيوطي: إنه متواتر، فلذا قال الشارح بلا ارتياب وفيه رمز إلى ما في اختصاص هذه الأمة بالوضوء كما قدمناه في محله. قوله: (هو لغة القصد) أي مطلق القصد، ومنه قوله تعالى: * (ولا تيمموا الخبيث) * (البقرة: 762) بخلاف الحج فإنه القصد إلى معظم كما في البحر.
قوله: (وشرعا الخ) قال في البحر: واصطلاحا على ما في شروح الهداية: القصد إلى الصعيد الطاهر للتطهير، وعلى ما في البدائع وغيره: استعمال الصعيد في عضوين مخصوصين على قصد التطهير بشرائط مخصوصة. وزيف الأول بأن القصد شرط لا ركن. والثاني بأنه لا يشترط استعمال جزء من الأرض حتى يجوز بالحجر الأملس، فالحق أنه اسم لمسح الوجه واليدين عن الصعيد الطاهر، والقصد شرط، لأنه النية ا ه. وهذا ما حققه في الفتح. قوله: (شرط القصد الخ) بالبناء للمجهول، وفيه تورك على المصنف، لان تركيبه يقتضي أن حقيقته القصد فنبه على أنه شرط، وكذا الصعيد، وكونه مطهرا كما أفاده ح، فافهم. قوله: (خرج الخ) ولذا لم يقل طاهر كما مر عن الشروح والهداية، لأن هذه الأرض طاهرة غير مطهرة. قوله: (واستعماله الخ) هذا هو التعريف الثاني الذي قدمناه عن البدائع، وأراد بالصفة المخصوصة ما سيأتي، أو ما مر من كونه في عضوين مخصوصين بشرائط مخصوصة، وقوله: لأجل إقامة القربة هو معنى ما مر عن البدائع من قوله على قصد التطهير وقوله الشارح حقيقة أو حكما الخ جواب عن الايراد المار على هذا التعريف، إذ لا يخفى أن الحجر الأملس جزء من الأرض استعمل في العضوين للتطهير، إذ ليس المراد بالاستعمال أخذ جزء منها بل جعله آلة للتطهير، وعليه فهو استعمال حقيقة وهو ظاهر كلام النهر، فلا حاجة إلى قوله: أو حكما كما أفاده ط، وبما قررناه ظهر لك أن المصنف ذكر التعريفين المنقولين عن المشايخ، والظاهر أنه قصد جعلهما تعريفا واحدا، إذ لا بد في الألفاظ الاصطلاحية المنقولة عن اللغوية أن يوجد فيها المعنى اللغوي غالبا. ويكون المعنى الاصطلاحي أخص من اللغوي، ولذا عرف المشايخ الحج بأنه قصد خاص يزيادة أوصاف مخصوصة، وما مر من الايراد على ذلك بأن القصد شرط يظهر لي أنه غير وارد، لان الشرط هو قصد عبادة مقصودة إلى آخر ما يأتي، لا قصد نفس الصعيد، على أن المعاني الشرعية لا توجد بدون شروطها، فمن صلى بلا طهارة مثلا لم توجد منه صلاة شرعا، فلا بد من ذكر الشروط حتى يتحقق المعنى الشرعي، فلذا قالوا بشرائط مخصوصة كما مر.
ولما كان الاستعمال وهو المسح المخصوص للوجه واليدين من تمام الحقيقة الشرعية ذكره مع القصد تتميما للتعريف، فاغتنم هذا التحرير المنيف. قوله: (بصفة مخصوصة) وهي ما في البدائع عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن التيمم، فقال: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، فقلت: كيف هو؟ فضرب بيديه على الصعيد فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما ثم مسح بهما وجهه، ثم أعاد كفيه على الصعيد ثانيا فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما، ثم مسح بذلك ظاهر الذارعين وباطنهما إلى المرفقين، ثم قال في البدائع: وقال بعض مشايخنا ينبغي أن يمسح بباطن