لما بيض الجزء الأول منه قدر أن تمام الكتاب على منوال ما بيض منه يبلغ عشرة مجلدات كبار وذكر المحبي وغيره أنه وصل في هذا الكتاب إلى باب الوتر. والظاهر، إنه لم يكمله في المسودة أيضا وإنما ألف منه هذا الجزء الذي بيضه فقط، والله تعالى أعلم. قوله: (فصرفت عنان العناية) العنان بالكسر: ما وصل بلجام الفرس، والعناية: القصد. وفي نهاية الحديث: يقال عنيت فلانا عنيا: إذا قصدته، وتشبيه العناية بصورة الفرس في الايصال إلى المطلوب استعارة بالكناية، وإثبات العنان استعارة تخييلية، وذكر الصرف ترشيح، وفيه الايهام بكتاب النهاية اه. ابن عبد الرزاق. قوله: (نحو الاختصار) أي جهة اختصار ما في خزائن الاسرار. قوله: (وسميته بالدر المختار) أي سميت هذا المختصر المأخوذ من الاختصار أو الشرح المتقدم في قوله تبييض هذا الشرح، وسمي: يتعدى إلى مفعولين: الأول بنفسه، والثاني بحرف الجر كما هنا، أو بنفسه كما في: سميت لبني محمدا. قال ابن حجر: وما اشتهر من أن أسماء الكتب علم جنس وأسماء العلوم علم شخص نوقش فيه بأن إن نظر لتعدد الشئ بتعدد محله فكلاهما علم جنس، وإن نظر للاتحاد العرفي فعلم شحص. وأما التفرقة، فهي تحكم وترجيح بلا مرجح اه. والدر: الجوهر، وهو اسم حنس يصدف على القليل والكثير. والمختار: الذي يؤثر على غيره، أفاده ط. قوله (الذي فاق) نعت لتنوير الابصار لا للدر المختار اه. ح. وهذا بناء على أن قوله في شرح تنوير الابصار متعلق بمحذوف حال من الدر المختار ليس جزء علم، فلا يرد أن جزء العلم لا يوصف، على أنه قد ينظر فيه إلى ما قبل العملية كما قدمناه، فافهم. قوله: (هذا الفن) في القاموس: الفن الحال والضرب من الشئ كالأفنون جمعه أفنان وفنون اه. والمراد به هنا علم لأنه نوع من العلوم. قوله: (في الضبط) هو الحفظ بالحزم.
قاموس. والمراد به هنا حسن التحرير ومتانة التعبير، فهو مضبوط كالحمل المحزوم. قوله:
(والتصحيح) أي ذكر الأقوال المصححة إلا ما ندر. قوله: (والاختصار) تقدم معناه، فهو مع حسن التحرير والتصحيح خال عن التطويل. قوله: (ولعمري) قال في المغرب: العمر بالضم والفتح:
البقاء، إلا أن الفتح غلب في القسم حتى لا يجوز فيه الضم، يقال لعمرك ولعمر الله لأفعلن وارتفاعه على الابتداء وخبره محذوف اه. أي قسمي أو يميني، والواو فيه للاستئناف واللام للابتداء. قاب في القاموس: وإذا سقطت اللام نصب انتصاب المصادر، وجاء في الحديث النهي عن قول لعمر الله اه. قال الحموي في حاشية الأشباه: فعلى هذا ما كان ينبغي للمصنف أن يأتي بهذا القسم الجاهلي المنهي عنه اه. وفي شرح النقاية للقهستاني: لا يجوز أن يحلف بغير الله تعالى، ويقال لعمر فلان، وإذا حلف ليس أن يبر، بل يجب أن يحنث، فإن البر فيه كفر عند بعضهم كما في كفاية الشعبي اه.
أقول: لكن قال فاضل الروم حسن جلبي في حاشية المطول: قوله لعمري يمكن أن يحمل على حذف المضاف، أي: لواهب عمري. وكذا أمثاله مما أقسم فيه بغير الله تعالى كقوله تعالى (والشمس) [الشمس: 1] (والليل) [الشمس: 2] (والقمر) [الشمس: 3] ونظائره، أي ورب الشمس الخ. ولا يمكن المراد بقولهم لعمري وأمثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط، لأنه أقوى من سائر المؤكدات، وأسلم من التأكيد بالقسم الله تعالى لوجوب البر به، وليس