وقال آخر نسيت وعدك والنسيان مغتفر * فاعفر فأول ناس أول الناس وقيل لأنسه بأمثاله أو بربه تعالى، قال الشاعر:
وما سمي الانسان إلا لأنسه * ولا القلب إلا أنه يتقلب قوله: (والخطأ) هو إن يقصد بالفعل غير المحل الذي يقصد به الجناية كالرمي إلى الصيد فأصاب آدميا. تحرير. وفي القاموس: الخطأ ضد الصواب، ثم قال: والخطأ ما لم يتعمد. قوله:
(من شعائر الادمية) الشعائر: العلامات كما في القاموس ح. قال في معراج الدراية: وشرعا ما يؤدي من العبادات على سبيل الاشتهار كالاذان والجماعة والجمعة وصلاة العيد والأضحية. وقيل: هي ما جعل علما على طاعة الله تعالى اه. قال ط: وإنما عبر بها هنا وفيما تقدم بخصائص، لان النسيان من خصائص الانسان، والخطأ والزلل يكون منه ومن غيره حتى من الملائكة، كما وقع لإبليس بناء على أنه منهم، ولهاروت وماروت على ما قيل، كقولهم (أتجعل فيها من يفسد فيها) وكنظر بعض الملائكة إلى مقامه في العبادة. وأما الجن فذلك أكثر حالهم. قوله: (واستغفر الله) أي أطلب منه ستر ذنبي، كأنه أتى به لان ما ذكره قبله فيه نوع تبرئة للنفس وهو مما لا ينبغي، بل الأولى هضم النفس بالخطإ والنسيان وإن كانا من لوازم الانسان. قوله: (مستعيذا) حال من فاعل أستغفر والعوذ: الالتجاء كالعياذ والمعاذة والتعود والاستعاذة. والعوذ: بالتحريك الملجأ كالمعاذ والعياذ.
قاموس. قوله: (من حسد) هو تمني زوال نعمة المحسود، سواء تمنى انتقالها إليه أو لا. ويطلق على الغبطة مجازا، وهي تمنى مثل تلك النعمة من غير إرادة زوالها عن صاحبها، وهو غير مذموم، بخلاف الأول، لأنه يؤدي إلى الاعتراض على الله تعالى، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: (إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب) وسماه عليه الصلاة والسلام حالقة الدين لا حالقة الشعر. وقال تعالى: (ومن شر حاسد إذا حسد) [الفلق: 6] والحاسد ظالم لنفسه، حيث أتعب نفسه وأحزنها وأوقعها في الاثم، لغيره، حيث لم يحب له ما يحب لنفسه، ولذا قال أبو الطيب وأظلم أهل الأرض من كان حاسدا * لمن بات في نعمائه يتقلب قوله: (يسد باب الانصاف) صفة تأكيدية، لان حقيقة الحسد مشعرة بها، إذ الانصاف هو الجري على سنن الاعتدال والاستقامة على طريق الحق، وهذا الوصف لا يتأتى وجوده مع الحسد، والغرض من الاتيان بهذا الوصف التأكيدي النداء على كمال بشاعة الحد وتقرير ذمه والتنفير عنه، ولا يخفي ما فيه من الاستعارة المكنية والتخييلية والترشيح. قوله: (ويرد) أي يصرف صاحبه عن جميل الأوصاف: أي عن الاتصاف بالأوصاف الجميلة أو عن رؤيتها في المحسود فلا يرى الحاسد له جميلا، لما أن عين السخط تبدي المساويا. ورد يتعدى بنفسه، ويتعدى بعن إلى مفعول ثان وإن لم يذكره في القاموس، فمن شواهد النحاة قول الشاعر:
أكفرا بعد رد الموت عني * وبعد عطائك المائة الرتاعا وهذه الفقرة بمعنى التي قبلها، وفي الفقرتين من أنواع البديع الترصيع، وهو أن يكون ما في