كان الخارج منه دما أو قيحا أو صديدا وكان بحيث لو ترك لم يسل، وإنما هو مجرد رشح ونداوة لا ينقض وإن عم الثوب، وإلا نقض بمجرد ابتلال الربا، ولا تنس ما قدمناه من أنه إنما يجمع إذا كان في مجلس، ثم إن كان الخارج ماء صافيا فهو كالدم. وعن الحسن أنه لا ينقض. والصحيح الأول كما ذكره قاضيخان، لكن في الثاني توسعة لمن به جدري أو جرب كما قاله الامام الحلواني، ولا بأس بالعمل به هنا عند الضرورة.
وأما ما قيل (1) من أن العصابة ما دامت على الكي، لا ينتقض الوضوء، وإن امتلأت قيحا ودما لم يسل من أطرافها أو تحل فيوجد فيها ما فيه قوة السيلان لولا الربط فينتقض حين الحل لا قبله لمفارقتها موضع الجراحة، فقد أوضحنا ما فيه في رسالتنا (الفوائد المخصصة بأحكام كي الحمصة). قوله: (ويجمع متفرق القئ الخ) أي لو قاء متفرقا بحيث لو جمع صار ملء الفم، فأبو يوسف يعتبر اتحاد المجلس، فإن حصل ملء الفم في مجلس واحد نقض عنده وإن تعدد الغثيان.
ومحمد يعتبر اتحاد السبب وهو الغثيان ا ه. درر. وتفسير اتحاده أن يقئ ثانيا قبل سكون النفس من الغثيان، فإن بعد سكونها كان مختلفا. بحر، والمسألة رباعية، لأنه إما أن يتحد فينقض اتفاقا، أو يتعدد فلا اتفاقا، أو يتحدد السبب فقط أو المجلس فقط، وفيهما الخلاف. قوله: (وهو الغثيان) أي مثلا، فإنه قد يكون بنحو ضرب وتنكيس بعد امتلاء المعدة ا ه. غنيمي. وضبطه الحموي بفتح الغين المعجمة والثاء المثلثة والياء المثناة التحتية وبضم الغين وسكون الثاء، من غثت نفسه: هاجت واضطربت، صرح به في الصحاح، والمراد هنا أمر حادث في مزاج الانسان منشؤه تغير طبعه من إحساس النتن المكروه ا ه. ط. عن أبي السعود قوله: (إضافة الاحكام) كالنقض ووجوب سجود التلاوة. قوله: (إلى أسبابها) كالغثيان والتلاوة: أي لا إلى مكانها لأنه في حكم الشرط والحكم لا يضاف إلى الشرط. قوله: (إلا لمانع) أي إلا إذا تعذرت إضافتها إلى الأسباب فتضاف إلى المحال كما في سجدة التلاوة إذا تكرر سببها في مجلس واحد، إذ لو اعتبر السبب وانتفى التداخل (2) لان كل تلاوة سبب، وتمامه في البحر، وهنا كلام نفيس يطلب من شرح الشيخ إسماعيل على الدرر. قوله: (أصلا) أي في كل وقت، فلا يرد الخارج من المحدث، ومن أصحاب الاعذار، لان انتفاء الانتقاض يختص بوقت خاص، قهستاني: أي فهذا ليس بحدث مع أنه نجس، فلذا أخرجه بقوله أصلا المستفاد من زيادة الباء التي هي لتأكيد نفي الخبر.
وقد يقال: المراد ما يخرج من البدن المتطهر وهو المتبادر، وأما ما يخرج من بدن المعذور فهو حدث، لكن لا يظهر أثره إلا بخروج الوقت كما صرحوا به. قوله: (ليس بنجس) أي لا يعرف له وصف النجاسة بسبب خروجه، بخلاف القليل من قئ عين الخمر أو البول فإنه وإن لم يكن حدثا