على أنهما ليسا مما لا يحل إلا بالطهارة كما أفاده ح لان الوضوء عين الطهارة ورفع الحدث، وكذا امتثال الامر بالوضوء لا زمان من لوازم وجودها، فقوله: كوضوء ليس تمثيلا للعبادة بل تنظير للمنوي، ولا يخفى أن الأصوب أن يقول: أو وضوء، بالعطف على عبادة، وما ذكره من الاكتفاء بنية الوضوء هو ما جزم به في الفتح وأيده في البحر والنهر، حيث ذكر أن المستفاد من كلامهم أن نية الطهارة لا تكفي في تحصيل السنة، وكأنه لأنها متنوعة إلى إزالة الحدث والخبث فلم ينو خصوص الطهارة الصغرى، فعلى هذا لو نوى الوضوء كفى لأنه رفع الحدث سواء، بل هو أخص منه لان رفع الحدث يشمل الغسل فكان الوضوء أولى ا ه.
لا يقال: تنوع رفع الحدث إلى الوضوء والغسل يقتضي أن يكون كالطهارة. لأنا نقول: تنوعه لا يضر، لان الغسل في ضمنه وضوء، فلم يكن ناويا خلاف ما أراد، بخلاف تنوع الطهارة، فافهم.
وقد مشى القدوري في مختصره على الاكتفاء بنية الطهارة ووافقه في السراج، لكن ظاهر كلام الزيلعي أنه خلاف المذهب. وفي الأشباه: وعند البعض نية الطهارة تكفي.
أقول: ويؤيده ما في تيمم البدائع عن القدوري: الصحيح من المذهب أنه إذا نوى الطهارة أجزأه، وحزم به في البحر هناك، لكن يفرق بأن الطهارة بالتراب لا تتنوع بخلافها بالماء. وذكر في البحر هناك أيضا أن نية التيمم لا تكفي لصحته على المذهب خلافا لما في النوادر، ولا اعتماد عليه بل المعتمد اشتراط نية مخصوصة ا ه. ولعل الفرق بين التيمم والوضوء أن كل وضوء تصح به الصلاة، بخلاف التيمم، فإن منه ما لا تصح به الصلاة كالتيمم لمس، فلذا لم تصح نية التيمم المطلق. تأمل هذا. وأورد في البحر على قوله: أو امتثال أمر أنه لا يتأتى قبل دخول الوقت إذ ليس مأمورا به، إلا أن يقال: إن الوضوء لا يكون نفلا لأنه شرط للصلاة وشرطها فرض ولا يخفى ما فيه ا ه. وأجاب ط بأنه مأمور به على طريق الندب قبل الوقت وهو إحدى الثلاث التي المندوب فيها أفضل من الفرض ا ه.
أقول: على القول بأن سبب وجوبه الحدث يكون مأمورا به قبل الوقت وجوبا موسعا إلى القيام إلى الصلاة كما سبق تقريره.
بقي هنا شئ، وهو أنه إذا أراد تجديد الوضوء لا ينوي إزالة الحدث ولا إباحة الصلاة.
ويمكن دفعه بأن ينوي التحديد فإنه مندوب إليه فيكون عبادة كما في شرح الشيخ إسماعيل عن شرح البرجندي.
أقول: فيه إن التجديد ليس عبادة لا تحل إلا بالطهارة، فالأحسن أن يقال: إنه ينوي الوضوء بناء على أن نيته تكفي، أو ينوي امتثال الامر، لان المندوب مأمور به حقيقة أو مجازا على الخلاف بين الأصوليين. قوله: (وصرحوا بأنه بدونها) أي الوضوء بدون النية ليس عبادة، وذلك كأن دخل الماء مدفوعا أو مختارا لقصد التبرد أو لمجرد إزالة الوسخ كما في الفتح. قال في النهر: لا نزاع لأصحابنا: أي مع الشافعي في أن الوضوء المأمور به لا يصح بدون النية، إنما نزاعهم في توقف الصلاة على الوضوء المأمور به وأشار أبو الحسن الكرخي إلى هذا. وقال الدبوسي في أسراره: