معناها. قيل: ولأنه يلزم عليه هنا انتفاء الاتصاف بالجميل قبل حمد الحامد ضرورة أن الانشاء يقارن لفظه معناه في الوجود. ورد بأن اللازم انتفاء الوصف بالجميل لا الاتصاف، والكلام فيه.
تتمة: تأتي الأحكام الشرعية في كل من البسملة والحمدلة: أما البسملة فتجب في ابتداء الذبح ورمي الصيد والارسال إليه، لكن يقوم مقامها كل ذكر خالص. وفي بعض الكتب أنه لا يأتي بالرحمن الرحيم لان الذبح ليس بملائم للرحمة، لكن في الجوهرة أنه لو قال (بسم الرحمن الرحيم) فهو حسن، وفي ابتداء الفاتحة في كل ركعة. قيل وهو قول الأكثر، لكن الأصح أنها سنة. وتسن أيضا في ابتداء الوضوء والاكل، وفي ابتداء كل أمر ذي بال. وتجوز أو تستحب فيما بين الفاتحة والسورة على الخلاف الآتي في محله إن شاء الله تعالى. وتباح أيضا في ابتداء المشي والقيام والقعود. وتكره عند كشف العورة أو محل النجاسات، وفي أول سورة براءة إذا وصل قراءتها بالانفال كما قيده بعض المشايخ. قيل وعند شرب الدخان: أي، ونحوه من كل ذي رائحة كريهة كأكل ثوم وبصل. وتحرم عند استعمال محرم، بل في البزازية وغيرها يكفر من بسمل عند مباشرة كل حرام قطعي الحرمة، وكذا تحرم على الجنب إن لم يقصد بها الذكر اه ط ملخصا مع بعض زيادات.
وإما الحمدلة، فتجب في الصلاة، وتسن في الخطب، وقبل الدعاء وبعد الاكل، وتباح بلا سبب، وتكره في الأماكن المستقذرة، وتحرم بعد أكل الحرام، بل في البزازية أنه اختلف في كفره.
قوله (لك) آثر الخطاب على اسم الله تعالى الدال على استجماعة لجميع صفات الكمال، إشارة، إلى أن هذا الاستجماع من الظهور بحيث لا يحتاج إلى دلالة عليه في الكلام، بل ربما يدعي أن ترك ذكر ما يدل عليه أوفق لمقتضى المقام، بل المهم الدلالة على أن قوى للحامد محرك الاقبال وداعي التوجه إلى جنابة على الكمال، حتى خاطبه مشعرا بأنه تعالى كأنه مشاهد له حالة الحمد لرعاية مرتبة الاحسان، وهو (أن تعبد الله كأنك تراه) أو بأنه تعالى قريب من الحامد كما قال تعالى:
(ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) [ق: 16] وإن كان الحامد لنقصانه في كمال البعد كما تدل عليه كلمة (يا) الموضوعة لنداء البعيد على ما قيل، ففي الاتيان بها هضم لنفسه واستبعاد لها عن مظان الزلفى كما أفاد الخطائي والبزدوي. قوله: (يا من شرحت) الأولى شرح كما عبر في مختصر المعاني، لان الأسماء الظاهرة كلها غيب سواء كانت موصولة أو موصوفة كما صرح به في شرح المفتاح، لكن بمراعاة جانب النداء الموضوع للمخاطب يسوغ الخطاب نظرا إلى المعني.
وذكر في المطول أن قول علي كرم الله وجهه:
أنا الذي سمتني أمي حيدره قبيح عند النحويين. واعترضه حسن جلبي بأن الالتفات من أتم وجوه تحسين الكلام، فلا وجه للتقبيح، لأنه التفات من الغيبة إلى التكلم، وفيه تغليب جانب المعنى على جانب اللفظ، على أنه يرد على النحويين: بل أنتم قوم تجهلون. فلو كان فيه قباحة لما وقع في كلام هو في أعلى طبقات البلاغة اه.
أقول: ولا يخفى ما في قوله على أنه يرد الخ من اللطافة عند أهل الظرافة، وفي مغني اللبيب في بحث الأشياء التي تحتاج إلى رابط أن نحو: أنت الذي فعلت، مقيس، لكنه قليل، وإذا تم