من الصلاة (أما) الأحكام فقال أصحابنا ينبغي لمريد الاحرام أن ينويه بقلبه ويتلفظ بذلك بلسانه ويلبى فيقول بقلبه ولسانه نويت الحج وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلى آخر التلبية فهذا أكمل ما ينبغي له فالاحرام هو النية بالقلب وهي قصد الدخول في الحج أو العمرة أو كليهما هكذا صرح به البندنيجي والأصحاب (وأما) اللفظ بذلك فمستحب لتوكيد ما في القلب كما سبق في نية الصلاة ونية الوضوء فان اقتصر على اللفظ دون القلب لم يصح احرامه وان اقتصر على القلب دون لفظ اللسان صح احرامه كما سبق هناك (أما) إذا لبي ولم ينو فنص الشافعي في رواية الربيع أنه يلزمه ما لبي به وقال الشافعي في مختصر المزني وان لم يرد حجا ولا عمرة فليس بشئ وللأصحاب طريقان (المذهب) القطع بأنه لا ينعقد احرامه وتأولوا رواية الربيع على من أحرم مطلقا ثم تلفظ بنسك معين ولم ينوه فيجعل لفظه تعيينا للاحرام المطلق وبهذا الطريق قطع الجمهور (والطريق الثاني) حكاه امام الحرمين ومتابعوه أن المسألة على قولين (أصحهما) لا ينعقد احرامه (والثاني) ينعقد ويلزمه ما سمى لأنه التزمه بالتسمية قالوا وعلى هذا لو أطلق التلبية انعقد الاحرام مطلقا يصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة أو قران وهذا القول ضعيف جدا بل غلط قال امام الحرمين لا أعرف له وجها قال فان تكلف له متكلف وقال من ضرورة تجريد القصد إلى التلبية مع انتفاء سائر المقاصد سوى الاحرام ان يجزى في الضمير قصد الاحرام (قلنا) هذا ليس بشئ لأنه إذا فرض هذا فهو احرام بنية ولا خلاف في انعقاد الاحرام بالنية (قلت) والتأويل المذكور أولا ضعيف جدا لأنا سنذكر قريبا إن شاء الله تعالى ان الاحرام المطلق لا يصح صرفه الا بنية (واعلم) أن نصه في مختصر المزني محتاج إلى قيد آخر ومعناه لم يرد حجا ولا عمرة ولا أصل الاحرام والله أعلم * هذا كله إذا لبى ولم ينو فلو نوى ولم يلب ففيه أربعة أوجه أو أقوال (الصحيح) المشهور من نصوص الشافعي وبه قطع جمهور أصحابنا المتقدمين والمتأخرين ينعقد احرامه (والثاني) لا ينعقد وهو قول أبي عبد الله الزبير وأبي علي بن خيران وأبي علي بن أبي هريرة وأبي العباس بن القاص وحكاه امام الحرمين وغيره قولا قديما (والثالث) حكاه الشيخ أبو محمد الجويني وغيره قولا للشافعي انه لا ينعقد الا بالتلبية
(٢٢٤)