أصحابنا يجب على المتمتع الدم لقوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى) قال أصحابنا ولوجوب هذا الدم شروط (أحدها) أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام وهم من مسكنه دون مسافة القصر من الحرم وقيل من بينه وبين نفس مكة دون مسافة القصر حكاه المتولي والبغوي وآخرون من الخراسانيين وحكي ابن المنذر عن الشافعي قولا قديما انه من أهله دون الميقات وهذا غريب والصحيح الأول وبه قطع الجمهور فإن كان على مسافة القصر فليس بحاضر بالاتفاق فإن كان له مسكنان أحدهما في حد القرب والآخر بعيد فإن كان مقامه بأحدهما فالحكم له فان استوى مقامه بهما وكان أهله وماله في أحدهما دائما أو أكثر فالحكم له فان استويا في ذلك وكان عزمه الرجوع إلى أحدهما فالحكم له فإن لم يكن له عزم فالحكم للذي خرج منه هكذا ذكر أصحابنا هذا التفصيل واتفقوا عليه ونص الشافعي عليه في الاملاء قال المحاملي إلا المسألة الأخيرة فلم ينص عليها ولكن ذكرها أصحابنا واتفقوا عليها قال الشافعي رحمه الله ويستحب ان يريق دما بكل حال ولو استوطن غريب مكة فهو حاضر بلا خلاف وإن استوطن مكي العراق أو غيره فليس بحاضر بالاتفاق ولو قصد الغريب مكة فدخلها متمتعا ناويا الإقامة بها بعد فراغه من النسكين أو من العمرة أو نوى الإقامة بها بعد ما اعتمر فليس بحاضر فلا يسقط عنه الدم ولو خرج المكي إلى بعض الآفاق لحاجة ثم رجع وأحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم حج من عامه لم يلزمه دم عندنا بلا خلاف وقال طاووس يلزمه والله أعلم قال الرافعي ذكر الغزالي من عامه لم يلزمه دم عندنا بلا خلاف وقال طاووس يلزمه والله أعلم قال الرافعي ذكر الغزالي مسألة وهي من مواضع التوقف قال ولم أجدها لغيره بعد البحث قال الرافعي إذا جاوز الميقات غير مريد نسكا فاعتمر عقب دخوله مكة ثم حج لم يكن متمتعا إذا صار من الحاضرين إذ ليس يشترط فيه قصد الإقامة قال الرافعي وهذه المسألة تتعلق بالخلاف السابق في أن قصد مكة هل يوجب الاحرام بحج أو عمرة أم لا ثم قال ما ذكره من اعتبار اشتراط الإقامة ينازعه فيه كلام الأصحاب ونقلهم عن نصه في الاملاء والقديم فإنه ظاهر في اعتبار الإقامة بل في اعتبار الاستيطان وفى الوسيط حكاية وجهين في صورة تداني هذه وهو أنه لو جاوز الغريب الميقات وهو لا يريد نسكا ولا دخول الحرم ثم بدا له بقرب مكة أن يعتمر فاعتمر منه وحج بعدها على صورة التمتع هل يلزمه الدم (أحد)
(١٧٥)