الآيتين تنبيه على حكم ما لم يذكر في الأخرى (وأما) الجواب عن الحديث فهو حمله هنا على رفع الاثم لان هذا من باب الغرامات ويستوى فيها العامد والناسي وإنما يفترقان فيها في الاثم * (والجواب) عن قياسهم على الطيب واللباس أنه استمتاع فافترق عمده وسهوه وقتل الصيد اتلاف فاستوي عمده وسهوه في الغرامة كاتلاف مال الآدمي والله أعلم * (المسألة الثانية) إذا قتل المحرم صيدا ولزمه جزاؤه ثم قتل صيدا آخر لزمه للثاني جزاء آخر * هذا مذهبنا وبه قال مالك وأبو حنيفة وإسحق وابن المنذر وجمهور العلماء * قال العبدري هو قول الفقهاء كافة الا من سنذكره * وقال ابن المنذر قال ابن عباس وشريح والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتادة يجب الجزاء بالصيد الأول دون ما بعده وحكاه أصحابنا عن داود * قال الماوردي قال داود لو قتل مائة صيد إنما يلزمه الجزاء بالأول فقط * وعن أحمد روايتان كالمذهبين * واحتج هؤلاء بقوله تعالى (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء) فعلق وجوب الجزاء على لفظ من قالوا وما علق على لفظ من لا يقتضي تكرارا كما لو قال من دخل الدار فله درهم أو من دخلت الدار فهي طالق فإذا تكرر دخوله لم يستحق إلا درهما بالدخول الأول وإذا تكرر دخولها لا يقع الا طلقة بالدخول الأول * قالوا ولان الله تعالى قال (ومن عاد فينتقم الله منه) ولم يرتب على العود غير الانتقام * واحتج أصحابنا بقوله تعالى (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء) قال الماوردي وفى هذه الآية لنا دلالتان (إحداهما) أن لفظ الصيد إشارة إلى الجنس لان الألف واللام يدخلان للجنس أو العهد وليس في الصيد معهود فتعين الجنس وأن الجنس يتناول الجملة والافراد فقوله تعالى (ومن قتله منكم) يعود إلى جملة الجنس وآحاده (والدلالة الثانية) أن الله تعالى قال (ومن قتله منكم متعمدا) فجزاء مثل ما قتل من النعم) وحقيقة المماثلة أن يفدى الواحد بواحد والاثنين باثنين والمائة بمائة ولا يكون الواحد من النعم مثلا لجماعة صبود ولأنها نفس تضمن بالكفارة فتكررت بتكرر القتل كقتل الآدميين ولأنها غرامة متلف فتكررت بتكرر الاتلاف كاتلاف أموال الآدمي * قال القاضي أبو الطيب ولأنا أجمعنا على أنه لو قتل صيدين دفعة واحدة لزمه جزءان فإذا تكرر بقتلهما
(٣٢٣)