فالخطاب في نفسه محتمل لا يدري المخاطب بم خوطب، وإنما يفهم المراد بالقرائن الخارجية الكاشفة عن قصد المتكلم والمفروض على ما تقرر في مسألة المعاطاة أن النية بنفسها، أو مع انكشافها بغير الأقوال لا تؤثر في النقل والانتقال، فلم يحصل هنا عقد لفظي يقع التفاهم به، لكن هذا الوجه لا يجري في جميع ما ذكروه من أمثلة الكناية، ثم إنه ربما يدعى أن العقود المؤثرة في النقل والانتقال أسباب شرعية توقيفية كما حكى عن الإيضاح من أن كل عقد لازم وضع له الشارع صيغة مخصوصة بالاستقراء فلا بد من الاقتصار على المتيقن، وهو كلام لا محصل له عند من لاحظ فتاوى العلماء فضلا عن الروايات المتكثرة الآتية بعضها. وأما ما ذكره الفخر قدس سره فلعل المراد فيه من الخصوصية المأخوذة في الصيغة شرعا هي اشتمالها على العنوان المعبر عن تلك المعاملة به في كلام الشارع.
فإذا كانت العلاقة الحادثة بين الرجل والمرأة معبرا عنها في كلام الشارع بالنكاح أو الزوجية أو المتعة، فلا بد من اشتمال عقدها على هذه العناوين، فلا يجوز بلفظ الهبة أو البيع أو الإجارة أو نحو ذلك، وهكذا الكلام في العقود المنشئة للمقاصد الأخر كالبيع، والإجارة ونحوهما، فخصوصية اللفظ من حيث اعتبار اشتمالها على هذه العنوانات الدائرة في لسان الشارع أو ما يرادفها لغة أو عرفا لأنها بهذه العنوانات موارد للأحكام الشرعية التي لا تحصى، وعلى هذا فالضابط وجوب ايقاع العقد بانشاء العناوين كما لو لم تقصد المرأة إلا هبة نفسها أو إجارة نفسها مدة الاستمتاع، لم يترتب عليه الآثار المحمولة في الشريعة على الزوجية الدائمة أو المنقطعة، وإن كانت بقصد هذه العناوين دخلت في الكناية التي عرفت أن تجويزها رجوع إلى عدم اعتبار إفادة المقاصد بالأقوال، فما ذكره الفخر رحمه الله مؤيد لم ذكرناه واستفدناه من كلام والده قدس سره وإليه يشير أيضا ما عن جامع المقاصد من أن العقود متلقاة من الشارع فلا ينعقد عقد بلفظ آخر ليس من جنسه.
وما عن المسالك من أنه يجب الاقتصار على العقود اللازمة على الألفاظ المنقولة شرعا المعهودة لغة ومراده بالمنقولة شرعا هي المأثورة في كلام الشارع، وعن كنز العرفان في باب النكاح أنه حكم شرعي حادث، فلا بد له من دليل يدل على حصوله وهو العقد اللفظي المتلقى من النص