وقد ورد في غير واحد من الأخبار ما يظهر منه الرخصة في ترك هذه الحقوق لبعض الإخوان بل لجميعهم إلا القليل.
فعن الصدوق قدس سره في الخصال وكتاب الإخوان والكليني بسندهما عن أبي جعفر عليه السلام قال: قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام رجل بالبصرة فقال: أخبرنا عن الإخوان، فقال عليه السلام: الإخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة.
فأما إخوان الثقة فهم كالكف والجناح والأهل والمال فإذا كنت من أخيك على ثقة فابذل له مالك ويدك وصاف من صافاه وعاد من عاداه واكتم سره و عيبه وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهم أعز من الكبريت الأحمر.
وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه، و حلاوة اللسان.
وفي رواية عبد الله الحلبي المروية في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تكون الصداقة إلا بحدودها فمن كان فيه هذه الحدود أو شئ منها فانسبه إلى الصداقة ومن لم يكن فيه شئ منها فلا تنسبه إلى شئ من الصداقة.
فأولها: أن تكون سريرته وعلانيته لك واحدة.
والثانية: أن يرى زينك زينه وشينك شينه.
والثالثة: أن لا تغيره عليك ولاية ولا مال.
والرابعة: أن لا يمنعك شيئا تناله وقدرته.
والخامسة: وهي مجمع هذه الخصال أن لا يسلمك عند النكبات.
ولا يخفى أنه إذا لم يكن الصداقة لم يكن الأخوة {1} فلا بأس بترك الحقوق المذكورة بالنسبة إليه.
وفي نهج البلاغة لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث، في نكبته وفي غيبته وفي وفاته.