الظاهر ذلك وحينئذ فيجب عليه صرف حاصلها في مصالح المسلمين ومع عدم التمكن أمرها إلى الجائر. وأما جواز التصرف فيها كيف اتفق لكل واحد من المسلمين، فبعيد جدا بل لم أقف على قائل به لأن المسلمين بين قائل بأولوية الجائر وتوقف التصرف على إذنه وبين مفوض الأمر إلى الإمام عليه السلام فمع غيبته يرجع الأمر إلى نائبه. فالتصرف بدونهما لا دليل عليه انتهى. وليس مراده قدس سره من التوقف، التوقف على إذن الحاكم بعد الأخذ من الجائر ولا خصوص صورة عدم استيلاء الجائر على الأرض كما لا يخفى، وكيف كان فقد تحقق مما ذكرناه أن غاية ما دلت عليه النصوص والفتاوى كفاية إذن الجائر في حل الخراج وكون تصرفه بالاعطاء والمعاوضة والاسقاط وغير ذلك نافذا. أما انحصاره بذلك فلم يدل عليه دليل ولا أمارة بل لو نوقش في كفاية تصرفه في الحلية وعدم توقفها على إذن الحاكم الشرعي مع التمكن بناء على أن الأخبار الظاهرة في الكفاية منصرفة إلى الغالب من عدم تيسر استئذان الإمام عليه السلام أو نائبه. أمكن ذلك إلا أن المناقشة في غير محلها لأن المستفاد من الأخبار الإذن العام من الأئمة بحيث لا يحتاج بعد ذلك إلى إذن خاص في الموارد الخاصة منهم عليهم السلام ولا من نوابهم. هذا كله مع استيلاء الجائر على تلك الأرض، والتمكن من استئذانه. وأما مع عدم استيلائه على أرض خراجية لقصور يده عنها لعدم انقياد أهلها له ابتداء أو طغيانهم عليه، بعد السلطنة عليهم فالأقوى خصوصا مع عدم الاستيلاء ابتداء عدم جواز استئذانه وعدم مضي إذنه فيها كما صرح به بعض الأساطين، حيث قال: بعد بيان أن الحكم مع حضور الإمام مراجعته أو مراجعة الجائر مع التمكن. وأما مع فقد سلطان الجور أو ضعفه عن التسلط أو عدم التمكن من مراجعته فالواجب الرجوع إلى الحاكم الشرعي إذ ولاية الجائر إنما ثبتت على من دخل في قسم رعيته حتى يكون في سلطانه ويكون مشمولا لحفظه من الأعداء وحمايته، فمن بعد عن سلطانهم أو كان على الحد فيما بينهم أو قوى عليهم، فخرج عن مأموريتهم فلا يجري عليه حكمهم اقتصارا على المقطوع به من الأخبار. وكلام الأصحاب في قطع الحكم بالأصول والقواعد وتخصيص ما دل على المنع عن الركون إليهم والانقياد لهم.
(٣٩٦)