نعم لو احتاج إلى بذل مال فالظاهر عدم وجوبه {1} ولو أمكن احضار الواقعة عند من يراد تحمله
للشهادة فله أن يمتنع من الحضور ويطلب الاحضار بقي الكلام في شئ {2} وهو أن كثيرا من الأصحاب صرحوا في كثير من الواجبات والمستحبات التي يحرم أخذ الأجرة عليها بجواز ارتزاق مؤديها من بيت المال المعد لمصالح المسلمين وليس المراد أخذ الأجرة أو الجعل من بيت المال لأن ما دل على تحريم العوض لا فرق فيه بين كونه من بيت المال أو من غيره، بل حيث استفدنا من دليل الوجوب كونه حقا للغير يجب أدائه إليه عينا أو كفاية فيكون أكل المال بإزائه أكلا له
بالباطل كان اعطائه العوض من بيت المال أولى بالحرمة لأنه تضييع له واعطاء مال المسلمين بإزاء ما يستحقه المسلمون على العامل. بل المراد أنه إذا قام المكلف بما يجب عليه كفاية أو عينا مما يرجع إلى مصالح المؤمنين (المسلمين) وحقوقهم كالقضاء والافتاء
والأذان والإقامة ونحوها ورأي ولي المسلمين المصلحة في تعيين شئ من بيت المال له في اليوم أو الشهر أو السنة من جهة قيامه بذلك الأمر لكونه فقيرا يمنعه القيام بالواجب المذكور عن تحصيل ضرورياته فيعين له ما يرفع حاجته وإن كان أزيد من أجرة المثل أو أقل منها ولا فر. ق بين أن يكون تعيين
الرزق له بعد القيام أو قبله حتى أنه لو قيل له اقض في البلد وأنا أكفيك مؤونتك من بيت المال جاز ولم يكن جعالة، وكيف كان فمقتضى القاعدة عدم
جواز الارتزاق إلا مع
الحاجة على وجه يمنعه القيام بتلك المصلحة عن اكتساب المؤونة. فالارتزاق مع الاستغناء ولو بكسب لا يمنعه القيام بتلك المصلحة غير جائز ويظهر من اطلاق جماعة في باب القضاء خلاف ذلك بل صرح غير واحد بالجواز مع وجدان الكفاية.
____________________
{1} قوله نعم لو احتاج إلى بذل مال فالظاهر عدم وجوبه.
إن قلنا بأن المستفاد من الأدلة حرمة الإباء والكتمان للشهادة - فعدم وجوب بذل المال واضح، إذ لا يتوقف امتثال هذا التكليف على الحضور أينما استحضروه بل هو يمتثل بعدم الإباء والامتناع لو أحضرت الواقعة عنده.
وإن قلنا بأن التحمل والأداء واجبان، فهما وإن كانا واجبين مطلقين، و مقدمة الواجب المطلق واجبة إلا أنه بمقتضى حديث نفي الضرر، يحكم بعدم وجوبه.
{2} قوله بقي الكلام في شئ