الحق عندي أن كل واجب على شخص معين لا يجوز للمكلف أخذ الأجرة عليه والذي وجب كفاية. فإن كان مما لو أوقعه بغير نية لم يصح ولم يزل الوجوب فلا يجوز أخذ الأجرة عليه لأنه عبادة محضة. وقال الله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) حصر غرض الأمر في انحصار غاية الفعل في الإخلاص و ما يفعل بالعوض لا يكون كذلك، وغير ذلك يجوز أخذ الأجرة عليه إلا ما نص الشارع على تحريمه كالدفن. انتهى. نعم رده في محكي جامع المقاصد بمخالفة هذا التفصيل لنص الأصحاب.
أقول: لا يخفى أن الفخر أعرف بنص الأصحاب من المحقق الثاني، فهذا والده قدس سره صرح في المختلف بجواز أخذ الأجرة على القضاء إذا لم يتعين وقبله المحقق في الشرائع غير أنه قيد صورة عدم التعيين بالحاجة ولأجل ذلك اختار العلامة الطباطبائي في مصابيحه ما اختاره فخر الدين من التفصيل، ومع هذا فمن أين الوثوق على إجماع لم يصرح به إلا المحقق الثاني مع ما طعن به الشهيد الثاني على اجماعاته بالخصوص في رسالته في صلاة الجمعة.
____________________
ويرد عليه أولا: إن المكلف في الواجب الكفائي إنما هو جميع آحاد المكلفين، غاية الأمر يكون التكليف المتوجه إلى كل أحد تكليفا مشروطا بعدم اتيان الآخرين به، وعلى هذا إذا وقعت الإجارة على مباشرة شخص معين مع ترك الآخرين فقد وقعت على الواجب.
وثانيا: إنه لو سلم كون المكلف هو عنوان أحد المكلفين، ولكن لا كلام في أن الفعل الصادر من أحدهم إنما يكون مصداقا للواجب لصدق عنوان أحد المكلفين عليه وإذا كان العمل من أحد المكلفين مملوكا لله تعالى ومسلوب الاحترام والقدرة فعمل الأجير مصداق لما هو مملوك له ومسلوب الاحترام والقدرة. فلا يجوز أخذ الأجرة عليه.
فالأظهر أنه تجري عمدة الوجوه المتقدمة في الواجب الكفائي أيضا، لا سيما إذا تعين على الأجير لعدم اقدام أحد على العمل، أو امتناع الكل عن العمل مجانا.
وثانيا: إنه لو سلم كون المكلف هو عنوان أحد المكلفين، ولكن لا كلام في أن الفعل الصادر من أحدهم إنما يكون مصداقا للواجب لصدق عنوان أحد المكلفين عليه وإذا كان العمل من أحد المكلفين مملوكا لله تعالى ومسلوب الاحترام والقدرة فعمل الأجير مصداق لما هو مملوك له ومسلوب الاحترام والقدرة. فلا يجوز أخذ الأجرة عليه.
فالأظهر أنه تجري عمدة الوجوه المتقدمة في الواجب الكفائي أيضا، لا سيما إذا تعين على الأجير لعدم اقدام أحد على العمل، أو امتناع الكل عن العمل مجانا.