فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لأحد حتى لقي الله تعالى محمودا غير ملوم ولا مذموم، ثم اقتدت به الأئمة من بعده بما قد بلغكم لم يتلطخوا بشئ من بوائقها، وقد وجهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة.
وعن الصادق المصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ثم كانت عليك من الذنوب والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت الله أن يتجافى [يتحامى] عنك جل وعز بقدرته يا عبد الله إياك أن تخيف مؤمنا، فإن أبي حدثني عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان يقول: من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله يوم لا ظل إلا ظله وحشره في صورة الذر لحمه وجسده وجميع أعضائه حتى يورده مورده وحدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من أغاث لهفانا من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظل إلا ظله وأمنه من [يوم] الفزع الأكبر وأمنه من سوء المنقلب.
ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة إحداها الجنة، و من كسى أخاه المؤمن جبة عن عري كساه الله من سندس الجنة واستبرقها و حريرها، ولم يزل يخوض في رضوان الله ما دام على المكسو منها سلك، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طيبات الجنة، ومن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن أخدم أخاه أخدمه الله من الولدان المخلدين وأسكنه مع أوليائه الطاهرين ومن حمل أخاه المؤمن على راحلة [رحله] حمله الله على ناقة من نوق الجنة وباهى به الملائكة المقربين يوم القيامة ومن زوج أخاه امرأة يأنس بها ويشد عضده ويستريح إليها زوجه الله من الحور العين وآنسه بمن أحبه من الصديقين من أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وإخوانه وآنسهم به، ومن أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر أعانه الله على إجازة الصراط عند زلة الأقدام، ومن زار أخاه المؤمن في منزله لا لحاجة منه إليه كتب من زوار الله وكان حقيقا على الله أن يكرم زائره.
يا عبد الله وحدثني أبي عن آبائه عن علي عليه السلام أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لأصحابه يوما: معاشر الناس أنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه فلا