واعلم أن هنا عنوانين آخرين اللعب واللغو {1} أما اللعب فقد عرفت أن ظاهر بعض ترادفهما ولكن مقتضى تعاطفهما في غير موضع من الكتاب العزيز تغايرهما ولعلهما من قبيل الفقير والمسكين إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا، و لعل اللعب يشمل مثل حركات الأطفال الغير المنبعثة عن القوى الشهوية والله وما تلتذ به النفس وينبعث عن القوى الشهوية، وقد ذكر غير واحد أن قوله تعالى (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة) الآية، بيان ملاذ الدنيا علي ترتيب تدرجه في العمر، وقد جعلوا لكل واحد منها ثمان سنين وكيف كان فلم أجد من أفتى بحرمة اللعب عدا الحلي على ما عرفت من كلامه ولعله يريد اللهو وإلا فالأقوى الكراهة {2}.
{1} قوله واعلم أن هنا عنوانين آخرين: اللعب واللغو.
فلا بد من التعرض لهما فالكلام في موردين:
أما اللعب: فهو الفعل لغاية الالتذاذ بلا قصد غاية أخرى.
وأما حكمه: فعن الحلي والطبرسي حرمته بقول مطلق.
{2} وقد اختار المصنف قدس سره كراهته.
ولكن حيث لم يدل دليل على حرمته ولا على كراهته، فالأظهر عدم الكراهة أيضا.
والمرسل المروي عن مجمع البيان: كل لعب حرام إلا ثلاثة: لعب الرجل بقوسه و فرسه وأهله. لارساله لا يعتمد عليه، وأظن أنه أراد الطبرسي بذلك ما عن النبي صلى الله عليه وآله، المروي في الوسائل في حديث: كل اللهو باطل إلا في ثلاث: في تأديبه الفرس، ورميه عن قوسه، وملاعبته امرأته فإنهن من حق (1).
وعليه فيرد عليه - مضافا إلى أنه إنما يكون في اللهو لا اللعب، ومضافا إلى ضعف سنده للرفع -: أنه يدل على أن كل اللهو باطل، ولا دليل على حرمة الباطل.
أضف إلى ذلك كله قيام الضرورة على جواز اللعب في الجملة، وكونه من المباحات كاللعب باللحية أو الأحجار أو الحبل أو نحوها، وعليه فلو دل دليل على النهي عنه لا بد من حمله على قسم خاص منه.