وقد شرع فيها خطبتان يلقيهما الأمير بنفسه ويذكر فيهما، مضافا إلى الحمد و الصلاة والارشاد والوعظ، المسائل الاجتماعية والسياسية.
6 - ففي خبر الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه السلام): " فإن قيل: فلم جعلت الخطبة؟ قيل: لأن الجمعة مشهد عام، فأراد أن يكون للأمير سبب إلى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة و ترهيبهم من المعصية، وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم، ويخبرهم بما ورد عليهم من الآفاق (الآفات - العلل والعيون) من الأهوال التي لهم فيها المضرة و المنفعة. " (1) فالمتصدي لإقامتها هو أمير القوم. ولم يجب حضورها على النساء والشيوخ و الزمنى ونحوهم، بل يجب على الشبان من الرجال المتمكنين. فكأن الغرض كان تهيؤ المسلمين وانتقالهم من صف الجمعة إلى صف القتال أو إلى صفوف المرابطين الحافظين للثغور.
وبالجملة، فان إقامة الجمعة من شؤون الحكومة، وهى الحجر الأساس لتأسيسها والحفاظ عليها. وقد غلب فيها الجهات الاجتماعية والسياسية، بل العسكرية.
7 - وفى رواية عبد الرحمان بن سيابة، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال: " ان على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة، ويوم العيد إلى العيد، ويرسل معهم.
فإذا قضوا الصلاة والعيد ردهم إلى السجن. " (2) فيظهر من الحديث أن صلاة الجمعة مما يغلب عليها الوجهة السياسية، حتى انه يجب ان يحضرها المسجونون والضباط، بل لعلها بنفسها من شؤون من بيده اختيار السجون والمسجونين، فهي من شؤون الحكومة المسلمة.
8 - وفى خبر محمد بن مسلم عن أبى جعفر (عليه السلام) قال: " تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ولا تجب على أقل منهم: الإمام وقاضية والمدعى حقا والمدعى عليه و الشاهدان والذي