الأول: أن يتصور أن الإسلام يستهدف تأمين الآخرة للمسلمين فقط، ولم يكلفهم الا أمورا عبادية وآدابا شخصية يقوم بها كل فرد في بيته ومعبده، ولا مساس له بالسياسة والمسائل الاقتصادية والاجتماعية إلا تبعا، وأن الورود في تلك المسائل و الالتفات إليها يوجب سقوط مكانة الانسان المتدين، لأن لها أهلا ورجالا غير رجال الدين، فالدين منفك عن السياسة بالكلية.
فهذا نحو تصور وفهم للاسلام، ابتلى به أكثر المسلمين في أعصارنا، كما ابتلى رجال الكنيسة أيضا.
وقد أبرزت هذا التصور وروجته الدعايات المشؤومة من قبل الأجانب وعمالهم وألقته في أذهان عامة المسلمين غير الواعين، بل وفى أذهان كثير من علماء الدين أيضا.
الثاني: أن دين الإسلام قد التفت إلى جميع حاجات الانسان في حياته ومماته، من حين انعقاد نطفته إلى وضعه في اللحد، وما بعد ذلك من نشآته، وبين له ما يوجب سعادته في جميع مراحله مما ينبغي رعايته من قبل الوالدين قبل انعقاد نطفته وحينه وحين الحمل والرضاع والطفولة، ثم ما يلزمه من تحصيل المعارف الحقة والأخلاق الفاضلة، وواجباته في قبال خالقه وعائلته وبيئته، وعلاقاته الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية، وروابط الحاكم والرعية والحقوق المدنية والجزائية، و علاقته مع سائر الامم ونحو ذلك. فالاسلام دين واسع قد شرعت مقرراته على أساس الدولة والحكومة الحقة. فهو دين ودولة، وعقيدة ونظام، وعبادة وأخلاق و تشريع، واقتصاد وسياسة وحكم، والواجب على المسلمين الالتفات إلى جميع هذه المراحل والاهتمام بها.
وهذا هو الفهم الصحيح للإسلام، فلنشر إلى أبواب الفقه بالإجمال، فإنها خير شاهد يدلك على هذا. ونذكر ذلك في فصول: