قلنا: نفس الولاية والرياسة أيضا من أظهر مصاديق الميثاق، فإذا كان المقام مقام جعل الولاية كما في قصة غدير خم وفي بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد عثمان كانت البيعة حينئذ وسيلة لإنشاء الولاية.
وإنشاء ما جعله الله - تعالى - مما لا مانع منه، فإن الإنشاء خفيف المؤونة والغرض منه تأكيد ما جعله الله - تعالى -.
وما يقال من أن تمسك أمير المؤمنين (عليه السلام) لإثبات خلافته في مكاتباته ومناشداته ببيعة المهاجرين والأنصار وقع منه جدلا، فلا يراد منه أنه - عليه السلام - لم يكن يرى للبيعة أثرا وأنها كانت عنده كالعدم. بل الجدل منه (عليه السلام) كان في تسليم ما كان يزعمه الخصم من عدم النصب من قبل الله - تعالى -.
وقد مر منا أن الانتخاب من قبل الأمة إنما يعتبر في طول النصب من الله. فلو كان هنا إمام منصوب من قبل الله - تعالى - فانتخاب الأمة لغيره مما لا أثر له فإن أمر الله قبل أمرنا.
وكيف كان فالبيعة مما تتحقق به الولاية إجمالا. كيف! ولو لم يكن لها أثر في تثبيت الإمامة وتحقيقها فلم طلبها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لنفسه ولأمير المؤمنين (عليه السلام)؟ ولم كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يصر عليها في بعض الموارد؟ ولم يبايع صاحب الأمر (عليه السلام) بعد ظهوره بالسيف والقدرة؟
وما قد يقال من أنها لتأكيد النصب فمآله إلى ما نقول أيضا، إذ لو لم يكن يترتب عليها تحقيق الإمامة لم تكن مؤكدة فإن الشئ الأجنبي عن الشئ لا يؤكده وإنما يطلق المؤكد على السبب الوارد على سبب آخر.
نعم، البيعة باليد احدى الوسائل لإنشاء الولاية وتنجيزها وهي أتقنها عند الناس ولكن لا تتعين، لكفاية الإنشاء باللفظ وبالمكاتبة أيضا كما في البيع وسائر المعاملات. هذا.
وقد مر في خبر الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " من فارق جماعة المسلمين