وفي الدر المنثور للسيوطي:
" واخرج ابن أبي شيبة واحمد والنسائي عن بريدة، قال: غزوت مع على اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذكرت عليا فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تغير وقال: يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلى مولاه. " (1) وذكره الحاكم أيضا في المستدرك. (2) ويظهر من خبر بريدة ان هذا المضمون صدر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في غير قصة الغدير أيضا، كما ان خبر الثقلين أيضا صدر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) غير مرة تثبيتا للكتاب والعترة لئلا تنساهما الأمة.
ويستفاد من إشارته (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الآية الشريفة وبيان أولوية نفسه ان المراد بالمولى والأولى واحد وانه (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد ان يثبت لعلى (عليه السلام) مثل ما أثبته الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الولاية و الأولوية وإلا لم يكن لذكر أولويته بالمؤمنين وجه بل كان لغوا. وسيأتي معنى الولي والمولى عن أهل اللغة، فانتظر.
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من كنت مولاه فعلى مولاه " يحتمل فيه بالنظر البدوي الإخبار و الإنشاء: فعلى الأول يريد الإخبار بان الله - تعالى - جعل عليا مولى المؤمنين وأولى بهم، وعلى الثاني يريد انه (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه جعل المولوية لعلى (عليه السلام). هذا. ولكن الأوفق بمذهبنا وظاهر آية التبليغ الواردة في هذه القصة هو الاحتمال الأول، كما لا يخفى.