انه (صلى الله عليه وآله وسلم) أحق وأولى بالنسبة إلى الأمور العامة المطلوبة للشارع غير المأخوذة على شخص خاص من المصالح الاجتماعية التي يرجع فيها كل قوم إلى رئيسهم و يرونها من وظائف قيم المجتمع، كإقامة الحدود، والتصرف في أموال الغيب والقصر، وحفظ النظام الاجتماعي، وجمع الضرائب وصرفها في المصالح العامة، وعقد المواثيق مع الدول والملل ونحو ذلك. ففي هذا السنخ من الأمور الاجتماعية المرتبطة بالولاة يكون هو (صلى الله عليه وآله وسلم) مبسوط اليد مخلى السرب وتكون تحت اختياره و يجب على الأمة إطاعته فيها والتسليم له، ولا يجوز لأحد التخلف عن أوامره أو مزاحمته أو اتخاذ القرار بخلافه، حيث ان النظام لا يستحكم إلا بكون الرئيس في الأعمال المرتبطة به مطاعا مخلى السرب.
وأما الأمور الشخصية الفردية، كبيع مال الشخص وطلاق زوجته وتزويج ابنته مثلا، فليست محطا للنظر في الآية إلا إذا فرض في مورد خاص توقف مصالح المجتمع عليها فتقدم على المصالح الفردية.
وفي مجمع البحرين (مادة ولا) في تفسير الآية قال: " روي عن الباقر (عليه السلام) انها نزلت في الإمرة، يعني الامارة. " (1) وهذا مؤيد لإرادة هذا الاحتمال أو الاحتمال الرابع.
الرابع: تقدم ولايته على سائر الولايات الموجودة في المجتمع. فيصير معنى الآية ان ولايته أقوى وأشد من سائر الولايات، وان حكمه أنفذ من حكم بعضهم على بعض. ففي الموارد التي ينفذ حكم أحد في حق غيره بنحو من أنحاء الولاية فحكم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الموارد أنفذ من حكم سائر الأولياء.
ففي مجمع البيان:
" قد روي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أراد غزوة تبوك وأمر الناس بالخروج قال قوم:
نستأذن آباءنا وأمهاتنا، فنزلت هذه الآية. " (2) فوزان قوله: " من أنفسهم " في الآية وزان قوله - تعالى -: " فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على