السياسية على أساس هذا المبدأ وهذه المقررات الخاصة فلا محالة ينتخبون لذلك من يعتقد بهذا المبدأ ويطلع على مقرراته، بل ينتخبون من يكون أعلم وأكثر اطلاعا، اللهم إلا أن يزاحم ذلك جهة أقوى وأهم.
فهذا أمر طبيعي لا يعدل عنه العقلاء بفطرتهم وارتكازهم.
مثلا إذا كان أهل منطقة خاصة معتقدين بالمبدأ المادي والاقتصاد الماركسي فبالطبع يراعون في الوالي المنتخب كونه عاقلا، قادرا على أمر الولاية، معتقدا بهذا المبدأ الخاص، أكثر اطلاعا على قوانينه ومقرراته المرتبطة بإدارة الملك. أمينا معتمدا عليه في أقواله وأفعاله.
وعلى هذا فالمسلمون المعتقدون بالإسلام وأن الإسلام حاو لجميع ما يحتاج إليه البشر في حياتهم الفردية والعائلية، وفي علاقاتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مع المسلمين وغير هم من الأمم لا محالة يراعون في الوالي العقل، والقدرة على الولاية، واعتقاده بالاسلام، واطلاعه على مقرراته وأحكامه، بل أعلميته في ذلك، وكذلك أمانته واستقامته المعبر عنها بالعدالة.
فهذه شرائط للوالي، يحكم العقل بلزوم رعايتها مع الإمكان، سواء كان انتخاب الوالي ونصبه من قبل الله - تعالى -، كما نعتقده نحن بالنسبة إلى الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بلا إشكال، أو كان من قبل الأمة، كما يعتقده إخواننا السنة مطلقا.
ولعلنا نعتقده بالنسبة إلى الفقهاء العدول في عصر الغيبة.
وبالجملة اشتراط هذه الشرائط واعتبارها في والي المسلمين بما هم مسلمون أمر لا يحتاج إلى التعبد الشرعي، بل يدركه الإنسان بعقله وفطرته، ولا نريد بولاية الفقيه إلا هذا الأمر الفطري الارتكازي.
وقد مر في صحيحة عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: " وانظروا لأنفسكم. فوالله إن الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي، فإذا وجد رجلا هو أعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه ويجئ بذلك الرجل الذي هو أعلم بغنمه من الذي كان فيها. " (1)