مراده الشيعة بمعناها الواقعي، أعني الثابت المواتي في جميع المراحل، وهم قليلون جدا ولاسيما في تلك الأعصار.
والشاهد الثالث: خبر معلى بن خنيس الآتي، قال: " ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، حين ظهر المسودة قبل ان يظهر ولد العباس، بانا قد قدرنا أن يؤول هذا الأمر إليك، فما ترى؟ قال: فضرب بالكتب الأرض، ثم قال: أف، أف، ما أنا لهؤلاء بإمام. أما يعلمون انه انما يقتل السفياني؟ " (1) والظاهر ان المراد بعبد السلام بن نعيم هو عبد السلام بن عبد الرحمان بن نعيم، الذي مر كونه مسجونا مع سدير، فنسب إلى جده.
والمراد بالمسودة أتباع أبى مسلم الخراساني، لسواد ألبستهم وألويتهم.
فأنت ترى ان سديرا ورفقاءه لعدم إحاطتهم بظروف الإمام ومقدار قدرته و مقاصد المسودة في قيامهم توهموا تحقق الشرائط لرجوع الخلافة الفعلية إلى الامام.
فأبو مسلم وإن كان يدعو الناس إلى رجل من بني هاشم وأقام على ذلك سنين وتبعه كثيرون، ولكنهم اختاروا هذا الشعار لجاذبيته في قبال بني أمية القاتلين لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا سيما سيد الشهداء، ولم يكن غرضه واقعا إرجاع الحق إلى أهله حتى يسلموا الأمر إلى الإمام الصادق (عليه السلام)، بل هو كان مبعوثا من قبل إبراهيم بن محمد العباسي ليقوم بأمر خراسان. وبعد قتل إبراهيم صار يدعو الناس إلى أخيه عبد الله السفاح. وبجنوده تغلب السفاح على مروان الحمار وهزمه، ولكن اشتبه امرهم على مثل سدير ورفقائه.
وقوله (عليه السلام): " ما أنا لهؤلاء بإمام "، يحتمل أن يكون إشارة إلى المسودة، اي انهم لا يرونني إماما لهم. ويحتمل ان يكون إشارة إلى سدير ورفقائه، فيريد اني لست لهم بإمام، لعدم إطاعتهم لي، أو لست إمامهم الذي يتصدى للخلافة الفعلية.