عصيدة بكل لون. " (1) والمراد منه على الظاهر انه معقود بكل لون، وانه رجل احساسي مزاجي غير مستقيم بحسب الفكر والدقة، لا انه ملتزم بالتقية الواجبة ويتلون عند كل فرقة بلون يحفظ به نفسه، كما في تنقيح المقال. إذ لو كان كذلك لم يكن يقع في سجن المخالفين، وقد ورد فيه ان أبا عبد الله (عليه السلام) قال لزيد الشحام: " يا شحام، اني طلبت إلى إلهي في سدير وعبد السلام بن عبد الرحمان - وكانا في السجن - فوهبهما لي وخلى سبيلهما. " (2) الشاهد الثاني: ما في الكافي عن سدير الصيرفي، قال: " دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: والله ما يسعك القعود. فقال: ولم يا سدير؟ قلت: لكثرة مواليك و شيعتك وأنصارك. والله لو كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) مالك من الشيعة والأنصار والموالي ما طمع فيه تيم ولا عدي. فقال: يا سدير، وكم عسى ان تكونوا؟ قلت: مأة ألف، قال: مأة ألف؟ قلت: نعم، ومأتي ألف. قال: مأتي الف؟ قلت: نعم ونصف الدنيا.
قال: فسكت عني، ثم قال: يخف عليك ان تبلغ معنا إلى ينبع؟ قلت: نعم. فأمر بحمار وبغل ان يسرجا، فبادرت فركبت الحمار، فقال: يا سدير، ترى ان تؤثرني بالحمار؟
قلت: البغل أزين وأنبل، قال: الحمار أرفق بي. فنزلت فركب الحمار وركبت البغل فمضينا فحانت الصلاة، فقال: يا سدير، انزل بنا نصلي، ثم قال: هذه أرض سبخة لا يجوز الصلاة فيها، فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء، ونظر إلى غلام يرعى جداء فقال:
والله يا سدير، لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود. ونزلنا وصلينا، فلما فرغنا من الصلاة عطفت على الجداء فعددتها، فإذا هي سبعة عشر. " (3) وقد ذكرنا الخبر بطوله، إذ يظهر منه وضع الإمام (عليه السلام) وظروفه وحدود ادراك سدير ومدى تشخيصه لذلك، وليس مراد الإمام مطلق من يسمى بالشيعة، بل