وكيف يهتم العلماء الأعلام بالأمور الجزئية ويعدونها من الأمور الحسبية التي لا يرضى الشارع بتركها، كحفظ مال الصغير أو الغائب مثلا، ولا يهتمون بكيان الإسلام ومقدرات المسلمين وشؤونهم وحفظ نظامهم وقدرتهم وطاقاتهم، ويعدون التصدي لها مخالفا للاحتياط؟! فيحولونها ويفوضون أمرها إلى من لاعلم له بالإسلام، ولا التزام له به، ولا تقوى لديه.
نعم، الظاهر عدم كون ذلك عن تقصير منهم في بادئ الأمر، إذ ان كونهم مسجونين في زوايا المدارس وسراديبها، ومبعدين عن محيط السياسة في قرون متمادية أوجب يأسهم من عودة الحكم إليهم، وأوجب عدم توجههم إلى مقدماتها ولوازمها، وبمرور الزمان غفلوا واستغفلتهم دسائس الاستعمار أيضا.
ولكن من العجب عدم التوجه إلى ذلك حتى بعدما انتصرت ثورة إيران الإسلامية واحتاجت إلى تعاضدهم وتعاونهم على حفظها والتصدي لشؤونها، بل ربما حمل بعضهم عليها وهاجمها عوضا عن التعاون والتعاضد والسعي في تحصيل العلوم المحتاج إليها في حفظها وإدارتها. اللهم، فوفقنا لنصر الاسلام وتقوية المسلمين بجاه محمد وآله الطاهرين. هذا.
ولنرجع إلى فقه الحديث الذي كنا فيه، فنقول: وقد يحتمل بعيدا عدم كون المراد بلفظ القائم الوارد فيه وفي بعض الأحاديث الأخر الإمام الثاني عشر القائم في آخر الزمان، بل المراد به كل من يكون قيامه بالحق، ويكون الغرض في الحديث تخطئة بعض من ينتهز الفرصة حين انشغال من له الحق في القيام بتحصيل المقدمات والشرائط، فيستعجل هذا ويقوم قبله، طمعا في الرياسة واجتذاب الناس إلى نفسه.
ولعل بعض الأئمة (عليهم السلام) كانوا بصدد تهيئة المقدمات للقيام والثورة ولكن عدم تقية بعض الشيعة وعدم كتمانهم، أو تقدم بعض المنتهزين قد هدم أساس القيام بالحق.
وفي تحف العقول في وصية أبي عبد الله (عليه السلام) لمؤمن الطاق: " فوالله لقد قرب هذا