ادعوا الكتاب فالكتاب ناطق بالرد عليهم، وإن ادعوا السنة فالسنة في القرعة مشهورة بالرد عليهم، وإن ادعوا الاجماع كفوا الخصم مؤنتهم، يقال لهم: أليس إذا أقام كل واحد منهما شاهدي عدل في دار أنها له، فشهود كل واحد منهما يكون شهود الآخر، والعلم محيط بأن أحد الشهداء كاذبة والأخرى صادقة، فإذا حكمنا بالدار بينهما نصفين فقد أكذبنا شهودهما جميعا، لأن كل واحد منهما تشهد شهوده بالدار كلها دون الآخر، فإذا كانت الشهود كاذبة والأخرى صادقة فيجب أن يسقط أحدهما، لأنه لا سبيل إلى الحكم فيما شهدوا، إلا بإلقاء أحدهما ولم يوجد إلى إلقاء واحد منهما سبيل إلا القرعة.
(وصفحة 699) " مسألة: قال ابن أبي عقيل: لو أن ثلاثة تنازعوا في دار، فادعى أحدهم الدار كلها ، وادعى الآخر ثلثي الدار، وادعى الآخر ثلث الدار، وأقام كل واحد منهم بينة عادلة على دعواه أقرع الحاكم بين الذي أقام البينة بالكل، وبين الآخرين، فإن خرج سهم صاحب الكل أحلف بالله وكان أولى بالحق، وإن خرج سهم الآخرين أحلفهما بالله لقد شهد شهودهما بالحق، وكانت الدار بينهما (بينهم) على ثلاثة أسهم ، لصاحب الثلثين سهم، وسهم لصاحب الثلث، لأن شهودهم ليس يكذب بعضهم بعضا، وشهود صاحب الكل يكذب شهود هذين. فلذلك أقرعنا بينهما وبين الذي أقام البينة بالكل، ولم يقرع بين هذين لأن شهودهما يصدق بعضهم بعضا، ولم يفصل هل كانت الدار في أيديهم أو كانت في يد رابع، والذي يجئ على قواعد الشيخ في المبسوط في مثل هذه.
(وصفحة 717) " قلت هذا هو الذي يقتضيه مذهبنا، لأنه لا خلاف بين الفرقة أن من شرط ذلك أن يكذب نفسه، وحقيقة الإكذاب أن يقول: كذبت فيما قلت، ثم قوى ما قاله المروزي، لأنه إذا أكذب نفسه ربما كان صادقا في الأول فيما بينه وبين الله تعالى، فيكون هذا الإكذاب كذبا وذلك قبيح. وقال ابن أبي عقيل: وتوبته أن يرجع عما قال ، ويكذب نفسه عند الإمام الذي جلده، وعند جماعة المسلمين ".