فمن ارتكب الربا بجهالة ولم يعلم أن ذلك محظور فليستغفر الله تعالى في المستقبل وليس عليه فيما مضى شئ، ومتى علم أن ذلك حرام ثم استعمله فكل ما يحصل له من ذلك محرم عليه ويجب عليه رده على صاحبه فإن لم يعرف صاحبه تصدق به عنه وإن عرفه ولا يعرف مقدار ما أربى عليه فليصالحه وليستحله، وإن علم أن في ماله ربا ولا يعرف مقداره ولا من أربى عليه فليخرج خمس ذلك المال ويضعه في أهله وحل له ما يبقى بعد ذلك، ولا ربا بين الولد ووالده لأن مال الولد في حكم مال الوالد ولا بين العبد وسيده لأن مال العبد لسيده ولا بين الرجل وأهله، ولا ربا أيضا بين المسلم وبين أهل الحرب لأنهم في الحقيقة فئ للمسلمين وإنما لا يتمكن منهم، والربا يثبت بين المسلم وأهل الذمة كثبوته بينه وبين مسلم مثله.
ولا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن فأما ما عداهما فلا ربا فيه، وكل ما يكال أو يوزن فإنه يجرم التفاضل فيه والجنس واحد نقدا ونسيئة، مثل بيع درهم بدرهم وزيادة عليه ودينار بدينار وزيادة عليه وقفيز حنطة بقفيز منها وزيادة عليه ومكوك شعير بمكوك منه وزيادة وكذلك حكم جميع المكيلات والموزونات، وإذا اختلف الجنسان فلا بأس بالتفاصيل فيهما نقدا ونسيئة إلا الدراهم والدنانير والحنطة والشعير فإنه لا يجوز بيع دينار بدراهم نسيئة ويجوز ذلك نقدا بأي سعر كان، وكذلك الحكم في الحنطة والشعير فإنه لا يجوز التفاضل فيهما لا نقدا ولا نسيئة لأنهما كالجنس الواحد، ولا بأس ببيع قفيز من الذرة أو غيرها من الحبوب بقفيزين من الحنطة والشعير أو غيرهما من الحبوب يدا ويكره ذلك نسيئة.
وأما ما لا يكال ولا يوزن فلا بأس بالتفاضل فيه والجنس واحد نقدا ولا يجوز ذلك نسيئة، مثل ثوب بثوبين ودابة بدابتين ودار بدارين وعبد بعبدين وما أشبه ذلك مما لا يدخل تحت الكيل والوزن والأحوط في ذلك أن يقوم ما يبتاعه بالدراهم أو الدنانير أو غيرهما من السلع ويقوم ما يبيعه بمثل ذلك وإن لم يفعل لم يكن به بأس، وما يكال ويوزن، فبيع المثل بالمثل جائز حسب ما قدمناه يدا ولا يجوز ذلك نسيئة.
ولا بأس ببيع الأمتعة والعقارات والحبوب وغير ذلك بالدراهم والدنانير نقدا ونسيئة،