على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم، إلى آخر الآية.
فقد قال ابن عباس: ليس في مؤاكلتهم حرج لأنهم كانوا يتحرجون من ذلك، قال الفراء: كانت الأنصار تتحرج من ذلك لأنهم كانوا يقولون الأعمى لا يبصر فيؤكل الطعام دونه والأعرج لا يتمكن من الجلوس والمريض يضعف عن المأكل، وقال مجاهد: أي ليس عليكم في الأكل من بيوت من سمي على جهة حمل قراباتكم إليهم تستتبعونهم في ذلك حرج.
وقال الزهري: ليس عليهم حرج في أكلهم من بيوت الغزاة إذا خلفوهم فيها بإذنهم، وقيل: كان المخلف في المنزل المأذون له في الأكل، يتحوب لئلا يزيد على مقدار المأذون له فيها، وقال الجبائي: الآية منسوخة بقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه.
ويقول النبي ع: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه، والذي روي عن أهل البيت ع أنه لا بأس بالأكل لهؤلاء من بيوت من ذكره الله بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف، وهم عشرة، وقوله: ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم، قال الفراء: لما نزل قوله تعالى: لا تأكلوا أموالكم بالباطل إلا أن تكون تجارة، ترك الناس مؤاكلة الصغير والكبير ممن أذن الله في الأكل معه فقال تعالى: وليس عليكم في أنفسكم وفي عيالكم أن تأكلوا معهم إلى قوله: أو صديقكم، أي بيوت صديقكم أو ما ملكتم مفاتحه، أي بيوت عبيدكم وأموالهم.
وقال ابن عباس: معنى ما ملكتم مفاتحه هو الوكيل ومن جرى مجراه، وقال مجاهد والضحاك: هو ما ملكه الرجل نفسه في بيته، وقال قتادة: معنى قوله أو صديقكم لأنه لا بأس في الأكل من بيت صديقه بغير إذن، وقوله تعالى: ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا، قيل يدخل فيه أصحاب الآفات على التغليب للمخاطب كقولهم: أنت وزيد قمتما، وقال ابن عباس: معناه لا بأس أن يأكل الغني مع الفقير في بيته وقال الضحاك: هم قوم من العرب كان الرجل منهم يتحرج أن يأكل وحده وكانوا من كنانة. وقال أبو صالح:
كانوا إذا نزل بهم ضيف تحرجوا أن يأكلوا أن يأكلوا إلا معه فأباح الله الأكل مفردا