ونلزمهم على أصولهم أن يرجعوا به عن مذاهبهم وإن لم يكن على سبيل الاستدلال منا بالخبر الذي يرويه رفاعة بن مالك أن النبي ص لما علم رجلا كيف يصلى قال له ص: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ فاتحة الكتاب ثم اركع وارفع حتى تطمئن قائما وهكذا فاصنع في كل ركعة.
وليس لهم أن يقولوا: فأنتم لا توجبون قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعات الصلاة، وظاهر الخبر يقتضي ذلك.
قلنا: هذا الخبر ليس بدليل لنا في هذه المسألة فيلزمنا أن يكون مطابقا للمذهب، وإنما أوردناه على سبيل الإلزام والمعارضة، ثم لنا أن نقول: نحن نوجب الفاتحة في الركعات كلها لكن في الأوليين تضييقا، وفي الأخريين تخييرا، ودخول التخيير في الأخريين لا يخرج الفاتحة من أن تكون واجبة فيهما.
ومما يمكن الاستدلال به في هذه المسألة قوله جل ثناؤه: فاقرؤوا ما تيسر من القرآن.
فظاهر هذا القول يقتضي عموم الأحوال كلها التي من جملتها أحوال الصلاة، ولو تركنا وظاهر الآية لقلنا أن القراءة واجبة في الركعات كلها تضييقا، لكن لما دل الدليل على جواز التسبيح في الأخريين قلنا بالتضييق في الأوليين والتخيير في الأخريين، والوجوب يعم الكل.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إيثار ترك لفظه آمين بعد قراءة الفاتحة، لأن باقي الفقهاء يذهبون إلى أنها سنة.
دليلنا على ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة على أن هذه اللفظة بدعة وقاطعة للصلاة، وطريقة الاحتياط أيضا لأنه لا خلاف في أنه من ترك هذه اللفظة لا يكون عاصيا، ولا مفسدا لصلاته، وقد اختلفوا في من فعلها، فذهبت الإمامية إلى أنه قاطع لصلاته فالأحوط تركها، وأيضا فلا خلاف في أن هذه اللفظة ليست من جملة القرآن ولا مستقلة بنفسها في كونها دعاء وتسبيحا فجرى التلفظ بها مجرى كل كلام خارج عن القرآن والتسبيح.
فإذا قيل: هي تأمين على دعاء سابق لها وهو قوله جل ثناؤه: اهدنا الصراط المستقيم.