أصلا ووجوب الاجتناب العقلي بملاك المنجزية عنه فرع تمامية البينة وقيامها على الوجوب الواقعي فلا يمكن أن يكون مدلولا لها ومحكيا بها.
وأما وجوب الاجتناب عنهما معا فلأن الجامع مشهود به لأحدهما استقلالا وللآخر ضمنا فتثبت النجاسة بمقدار الجامع فيجب الاجتناب عن كلا الطرفين بمقتضى قوانين العلم الاجمالي وقد اعترض عليه السيد الأستاذ دام ظله بأن الشاهد بالتفصيل شهادته على الجامع ضمنية تحليلية و هي لا تكون معتبرة بعد سقوط اعتبارها في المدلول المطابقي ومنه يتضح وجه القول بعدم وجوب الاجتناب عنهما معا.
غير أن الصحيح هو التفصيل في المقام ذلك لأن الشاهدين إن كانا متفقين على واقعة حسية واحدة بأن ادعيا معا أنهما أبصرا قطرة دم واحدة بعينها غير أن أحدهما يخبر بأنها وقعت في المعين والآخر لم يستطع أن يميز موضع وقوعها من الإنائين فالظاهر حجية هذه البينة في اثبات تلك الواقعة الحسية وبهذا يثبت لدينا وقوع قطرة دم في أحد الإنائين ولا يثبت وقوعها في المعين خاصة لعدم قيام البينة على ذلك بناء على اختصاص الحجية بالبينة كما هو مفروض المسألة فيجب الاجتناب عن كلا الإنائين، ودعوى أن النجاسة بمقدار الجامع مدلول تحليلي لا استقلالي للشاهد بالتفصيل فلا تثبت بشهادته مدفوعة بأن الميزان في الاستقلالية والتحليلية ليس هو عالم التعبير واللفظ بل عالم الشهادة والاحساس فإذا فرضنا الاستقلالية بلحاظ عالم الشهود كفى ذلك وإن كان لفظ الشاهد دالا عليه بالتضمن والتحليل والمفروض في المقام إن الشاهد بالتفصيل يعبر بشهادته عن واقعتين حسيتين اتجاه القطرة نحو الإنائين ووقوعها في هذا المعين وإن الآخر يشهد بأحدهما دون الأخرى فيثبت ما اتفقا عليه من واقعة، وأما إذا لم يكن الأمر كذلك