ملائمة للنصوص والفتاوى فلا بد من المصير إذن إلى كفاية كون الشئ مدلولا تحليليا للبينة في انعقادها بالنسبة إليه وبذلك يتجه ما أفيد في المتن من ثبوت النجاسة مع اختلاف الواقعة الحسية المشهود بها في كلام الشاهدين لأن النجاسة مدلول تحليلي مشترك، وقد يقال إن المرتكز عرفا أن اشتراط التعدد في البينة إنما هو من أجل تأكيد الطريقية والكاشفية ومع تعدد الواقعة الحسية لا يكون للتعدد أثر في تأكيد الطريقية فمثل هذا التعدد تنصرف عنه أدلة حجية البينة المنزلة على المرتكز العرفي والجواب على ذلك: إن التعدد يؤثر بحساب الاحتمال في تقوية احتمال المدلول المشترك حتى مع افتراض تعدد الواقعة الحسية لوضوح أن احتمال الخطأ أو الكذب بالنسبة إلى المدلول المشترك يكون أضعف مما لو لم تتوفر إلا شهادة واحدة عليه.
ومحصل الكلام إن عدم شمول دليل حجية البينة للبينة بلحاظ مدلول تحليلي مشترك إن كان من أجل عدم صدق عنوان البينة، فيرد عليه أن البينة ليست إلا شهادة شخصين بشئ فلو فرض اشتراك الشهادتين في اثبات شئ لو تحليلا وضمنا أو التزاما فقد تمت البينة عليه، وإن كان من أجل أن البينة متقومة بالتعدد المؤثر في تقوية الكاشفية وتعدد الشهادة مع تغاير الواقعة لا يؤثر في ذلك فيرد عليه ما تقدم من أنه يؤثر في تقوية الكاشفية في الجملة وإن كانت التقوية مع وحدة الواقعة أكبر ومن أجل ذلك كان التواتر اللفظي أقوى من المعنوي والمعنوي أقوى من الاجمالي، وإن كان من أجل أن المدلول التحليلي والضمني والالتزامي لا تتكون الأمارة حجة فيه إلا بتبع حجيتها في المدلول المطابقي ومع تعدد الواقعة لا تكون كل من الشهادتين حجة في المدلول المطابقي فلا حجية بالنسبة إلى المدلول الضمني أيضا، فيرد عليه أولا أن تبعية الدلالة الالتزامية والضمنية للمطابقية