اشتراط وجدة الواقعة الحسية على الرغم من أن الجمود على اطلاقه قد يقتضي ما هو أوسع من ذلك والنكتة في فهم الاشتراط المذكور من الدليل أن المنسبق عرفا منه أن التعدد المقوم للبينة إنما يلحظ بالنسبة إلى ما تكون الشهادة حجة فيه بالذات بمعنى أن مصب التعدد هو نفس مصب الحجية بالذات ومصب حجية الشهادة بالذات إنما هو الواقعة الحسية نفسها فالشهادة بنجاسة الثوب إنما تكون حجة بما هي اخبار عن واقعة حسية وهي ملاقاة الدم للثوب لا بما هي اخبار عن الحكم الشرعي بالنجاسة كما تقدم في المسألة الرابعة (1) فإذا دل الدليل على إناطة حجية الشهادة بالتعدد فهم منه عرفا اعتبار تعدد الشهادة بلحاظ نفس مصب الحجية بالذات أي الواقعة الحسية وإن شئت قلت إن البينة ليست مجرد اخبار شخصين بشئ حتى يقال بشموله لأخبار شخصين عن مدلول التزامي مشترك مع اختلاف الواقعة الحسية بل هي شهادة شخصين بشئ والشهادة إنما تصدق بالنسبة إلى الواقعة الحسية لأنها هي المشهودة دون لوازمها فمتى ما حصلت شهادتان بواقعة حسية واحدة صدقت البينة وثبتت تلك الواقعة بكل ما يرى المشهود لديه لها من لوازم، وأما إذا أخبر أحد الشخصين بنجاسة الثوب بالدم وأخبر الآخر بنجاسته بالبول فلم تجتمع شهادتان على شئ واحد وإن تحقق اخباران بشئ واحد لأن النجاسة وإن أخبر بها الاثنان ولكنها ليست هي الواقعة المشهودة فلا يسمى الاخبار بها شهادة بما هو اخبار بها والملاقاة للبول والملاقاة للدم واقعتان حسيتان لم يتعلق بكل منهما إلا شهادة واحدة وعلى هذا الأساس فلا اطلاق في دليل حجية البينة لموارد اختلاف الشاهدين في الواقعة الحسية غير أنا لا نضايق في امكان الالتزام بأصالة وحدة الواقعة
(١١٥)