علة وجود الأكبر في الأصغر غير علة نفس الأكبر. والمقتضي لكون البرهان لميا ليس إلا علية الأوسط لوجود الأكبر في الأصغر، سواء كان علة أيضا لوجود الأكبر في نفسه، كما في النحو الأول، أي: البرهان اللمي المطلق، أو كان معلولا للأكبر في نفسه، أو كان معلولا للأصغر، أوليس معلولا لشئ (1) منهما.
مثال الأول - وهو ما كان معلولا للأكبر - قولنا: " هذه الخشبة تتحرك إليها النار، وكل خشبة تتحرك إليها النار توجد فيها النار " فوجود النار أكبر، وحركة النار أوسط، والحركة علة لوجود النار في الخشبة، ولكنها ليست علة لوجود النار مطلقا، بل الأمر بالعكس، فإن حركة النار معلولة لطبيعة النار.
ومثال الثاني - وهو ما كان معلولا للأصغر - قولنا: " المثلث زواياه تساوي قائمتين، وكل ما يساوي قائمتين (2) نصف زوايا المربع " فالأوسط (مساواة القائمتين) معلول للأصغر (وهو زوايا المثلث). وهو في الوقت نفسه علة لثبوت الأكبر (نصف زوايا المربع) للأصغر (زوايا المثلث).
ومثال الثالث - وهو ما لم يكن معلولا لشئ (3) من الأصغر والأكبر - نحو: " هذا الحيوان غراب، وكل غراب أسود " فالغراب - وهو الأوسط - ليس معلولا للأصغر ولا للأكبر، مع أنه علة لثبوت وصف السواد لهذا الحيوان.