ارتفاع درجة الحرارة استدلال بالمعلول على العلة. فيقال فيه: إنه يستكشف بطريق الإن من وجود المعلول وجود العلة، فيكون العلم بوجود المعلول سببا للعلم بوجود العلة، فلذلك يكون المعلول واسطة في الإثبات، أي: علة للعلم بالعلة، وإن كان معلولا لها في الخارج. ويسمى هذا القسم من البرهان الإني " الدليل " 2 - أن يكون الأوسط والأكبر معا (1) معلولين لعلة واحدة، فيستكشف من وجود أحدهما وجود الآخر، فكل منهما إذا سبق العلم به يكون العلم به علة للعلم بالآخر، ولكن لا لأجل أن أحدهما علة للآخر، بل لكونهما متلازمين في الوجود، لاشتراكهما في علة واحدة إذا وجدت لابد أن يوجدا معا، فإذا علم بوجود أحدهما يعلم منه وجود علته، لاستحالة وجود المعلول بلا علة، وإذا علم بوجود العلة علم منها وجود المعلول الآخر، لاستحالة تخلف المعلول عن العلة، فيكون العلم - على هذا - بأحد المعلولين مستلزما للعلم بالآخر بواسطة.
وليس لهذا القسم الثاني اسم خاص. وبعضهم لا يسميه " البرهان الإني " بل يجعل البرهان الإني مختصا بالقسم الأول المسمى بالدليل، ويجعل هذا القسم واسطة بينه وبين اللمي. فتكون أقسام البرهان ثلاثة:
لمي، وإني، وواسطة بينهما.
وفي الحقيقة أن هذا القسم فيه استكشافان واستدلالان: استدلال بالمعلول على العلة المشتركة، ثم استدلال بالعلة المشتركة على المعلول الآخر، كما تقدم. ففيه خاصة " البرهان الإني " في الاستدلال الأول وخاصة " البرهان اللمي " في الاستدلال الثاني، فلذا جعلوه واسطة بينهما لجمعه بين الطريقتين. والأحسن جعله قسما ثانيا للإني - كما صنع كثير من المنطقيين - رعاية للاستدلال الأول فيه. والأمر سهل.