الحروب ودعاة الإصلاح، لحاجتهم إلى إقناع الجمهور ورضاهم وبعث الهمم فيهم وتحريض الجنود والأتباع على الإقدام والتضحية. بل كل رئيس وصاحب دعوة - حقة أو باطلة - لا يستغني عن استعمال هذه الصناعات الثلاث للتأثير على أتباعه ومريديه ولتكثير أنصاره.
ومن العجب! إهمال أكثر المؤلفين في المنطق بحث هذه الصناعات، تفريطا بغير وجه مقبول، إلا أولئك الذين ألفوا المنطق مقدمة للفلسفة، فإن من حقهم أن يقتصروا على مباحث البرهان والمغالطة، كما صنع صاحب الإشارات والحاج هادي السبزواري في منظومته، إذ لا حاجة لهم في باقي الصناعات.
وأهم ما يحتاج إليه منها ثلاث: البرهان والجدل والخطابة. وقد ورد في القرآن الكريم الترغيب في استعمال الأساليب الثلاثة في الدعوة الإلهية، وذلك قوله تعالى: * (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) * (1) فإن الحكمة هي البرهان، والموعظة الحسنة من صناعة الخطابة، ومن آداب الجدل أن يكون بالتي هي أحسن.
هذا كل ما أردنا ذكره في المقدمة. وقد آن الشروع في بحث هذه الصناعات في خمسة فصول. وعلى الله التكلان.
* * *