لما عرفت نوع المشكل عرفت جنسه القريب، فلم تكن بحاجة إلا للبحث عن مميزاته عن الأنواع المشتركة معه في ذلك الجنس. أما لو كنت قد عرفت فقط جنسه العالي كأن عرفت أن الماء جوهر لا غير، فإنك لأجل أن تكمل لك المعرفة لابد:
أن تفحص أولا: لتعرف أن المشكل من أي الأجناس المتوسطة، بتمييز بعضها عن بعض بفصولها أو خواصها على نحو العملية التحليلية السابقة، حتى تعرف أن الماء جوهر ذو أبعاد، أي: جسم.
ثم تفحص ثانيا: بعملية تحليلية أخرى لتعرفه من أي الأجناس القريبة هو، فتعرف أنه سائل.
ثم تفحص ثالثا: بتلك العملية التحليلية لتميزه عن السوائل الأخرى بثقله النوعي - مثلا - أو بأنه قوام كل شئ حي. فيتألف عندك تعريف الماء على هذا النحو مثلا " جوهر ذو أبعاد سائل، قوام كل شئ حي " ويجوز أن تكتفي عن ذلك فتقول: " سائل قوام كل شئ حي " مقتصرا على الجنس القريب.
وهذه الطريقة الطويلة من التحليل - التي هي عبارة عن عدة تحليلات - يلتجئ إليها الإنسان إذا كانت الأجناس متسلسلة ولم يكن يعرف الباحث دخول المجهول إلا في الجنس العالي. ولكن تحليلات البشر التي ورثناها تغنينا في أكثر المجهولات عن إرجاعها إلى الأجناس العالية، فلا نحتاج على الأكثر إلا لتحليل واحد لنعرف به ما يمتاز به المجهول عن غيره.
على أنه يجوز لك أن تستغني بمعرفة الجنس العالي أو المتوسط، فلا تجري إلا عملية واحدة للتحليل لتميز المشكل عن جميع ما عداه مما يشترك معه في ذلك الجنس العالي أو المتوسط، غير أن هذه العملية