الزمن الطويل معلومات قيمة هي ثروتنا العلمية التي ورثناها من أسلافنا.
وكل ما نستطيعه من البحث في هذا الشأن هو التعديل والتنقيح في هذه الثروة، واكتشاف بعض الكنوز من الأنواع التي لم يهتد إليها السابقون، على مرور الزمن وتقدم المعارف.
فإن استطاع الفكر أن ينجح في هذا الدور (الحركة الدائرية) بأن عرف ما يميز المجهول تمييزا ذاتيا - أي: عرف فصله - أو عرف ما يميزه تمييزا عرضيا - أي: عرف خاصته، فإن معنى ذلك: أنه استطاع أن يحلل معنى المجهول إلى جنس وفصل أو جنس وخاصة تحليلا عقليا، فيكمل عنده الحد التام أو الرسم التام بتأليفه مما انتهى إليه التحليل. كما لو عرف " الماء " في المثال بأنه سائل بطبعه لا لون له ولا طعم ولا رائحة، أو أنه له ثقل نوعي مخصوص، أو أنه قوام كل شئ حي (1).
ومعنى كمال الحد أو الرسم عنده: أن عقله قد انتهى إلى الدور الأخير، وهو " الحركة الراجعة " أي: حركة العقل من المعلوم إلى المجهول. وعندها ينتهي التفكير بالوصول إلى الغاية من تحصيل المجهول.
وبهذا اتضح معنى التحليل العقلي الذي وعدناك ببيانه سابقا في القسمة الطبيعية، وهو إنما يكون باعتبار المتشاركات والمتباينات، أي: أنه بعد ملاحظة المتشاركات بالجنس يفرزها ويوزعها مجاميع، أو فقل:
أنواعا بحسب ما فيها من المميزات المتباينة، فيستخرج من هذه العملية الجنس والفصل مفردات الحد، أو الجنس والخاصة مفردات الرسم. فكنت بذلك حللت المفهوم المراد تعريفه إلى مفرداته.
تنبيه:
إن الكلام المتقدم في الدور الرابع فرضناه فيما إذا كنت من أول الأمر