وأيضا لباحث على أسلوب القوم ان يقول إن المحوج إلى العلة هو الامكان كما هو المشهور فاتصاف الشئ بأمر إذا كان ممكنا وكان ذلك الشئ بحيث يجوز ان يتصف به وان لا يتصف به لم يكن بد هناك من علة تجعل ذلك الشئ متصفا بهذا الامر كحال الجسم مع البياض وأما إذا لم يكن اتصاف الشئ بأمر ممكنا بل واجبا أو ممتنعا فلا حاجه هناك إلى علة فاذن نقول اتصاف الواجب بوجوده ضروري فلا حاجه إلى سبب ومنشأ هذه الضرورة هو الوجود (1) دون المهية وما يقال من أن الواجب يقتضى ذاته وجوده فمعناه ان ذاته لا يجوز ان لا يتصف بالوجود لا ان هناك اقتضاءا وتأثيرا ولهذا قال بعض أهل التحقيق صفات الواجب لا تكون آثارا له وقد يقال إن الوجوب عندنا عبارة عن اقتضاء الوجود فإذا كان ذات الواجب مقتضيا لوجوده كان واجبا فلا يحتاج إلى علة لان الحاجة فرع الامكان فلا يلزم تقدم الشئ على نفسه.
والذي افاده بعض المتأخرين في دفعه انه لافرق بين العلية والاقتضاء الا في العبارة فإذا كان مقتضيا لوجوده كان علة لنفسه قال فان قلت معنى الاقتضاء انه لا يمكن ان لا يكون موجودا لا ان يكون هناك تأثير وتأثر قلت عدم الامكان اما بالنظر إلى المهية أو إلى غيرها وعلى الأول يكون الذات علة إذ لا معنى للعلة الا ما يكون امتناع العدم بالنظر إليه وعلى الثاني يلزم احتياجه إلى ذلك الغير فلا يكون واجبا انتهى.
أقول لاحد ان يقول لعل عدم الامكان بالنظر إلى وجوده بان وجوده يقتضى ان