الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٩
فيجاب بمثله إذا كان الواجب ذا مهية (1) وأيضا قد علمت أن الموجود عندنا في ذوات الوجود ليس الا وجودها وهو الأصل في الموجودية دون المهية
(1) يعنى لما كانت الماهية أمرا اعتباريا ولم يكن اثنينية حقيقية في الممكن بسببها ولا قابلية ولا مقبولية حقيقيتين ولا يجب تقدم لمثل ذلك القابل بالوجود وان وجب تقدم القابل الحقيقي على المقبول فكيف يكون اثنينية حقيقية في الواجب بسبب تلك الماهية الاعتبارية فلا جاعلية ولا مجعولية حقيقيتين حتى يجب التقدم بالوجود لمثل ذلك الفاعل و ان وجب في الفاعل الحقيقي حيث يكون اثنينية حقيقية وجعلا حقيقيا وليس المراد ان هنا جعلا حقيقيا وفاعلية حقيقية لتلك الماهية بالنسبة إلى وجودها ومع ذلك لا يجب تقدمها عليه بالوجود لما عرفت من أن الماهية اعتبارية صرفه فانية في الوجود في الممكن فكيف في الواجب فلا تستدعى التقدم بالوجود في كلا المقامين إذ لا وجود لها فلا يرد على المصنف قده ما أورده المحقق الطوسي قده في شرح الإشارات جوابا لنقض الإمام الرازي بالقابل من أن الماهية انما تكون قابله للوجود عند وجودها في العقل فقط ولا يمكن أن تكون فاعله لصفة خارجية عند وجودها في العقل فقط هذا بيان مرامه رفع مقامه.
والجواب انه بعد التحليل وتجويز العقل فيه تعالى شيئا وشيئا هما ماهية ووجود وهو مرتبه من نفس الامر أيضا اما ان يجعل العقل تلك الماهية فاعله أو قابله للوجود أو لا فاعله ولا قابله وقس عليه الاحتمالات في الوجود بالنسبة إلى الماهية فان كانت فاعله كانت متقدمة بالوجود على الوجود لان تجويز الشئ في قوة تجويز لوازمه ألا ترى ان ماهية الممكن عنده قده اعتبارية ومع ذلك بعد التحليل إذا نظرت إلى نفسها فهي قابله والوجود مقبول لان هذا من لوازم الماهية الإمكانية فإذا قيل بالماهية الإمكانية في الممكن الذي هو زوج تركيبي لا يمكن ان لا يقال بأنها قابله وإذا قيل بأنها قابله لا يمكن ان لا يقال بأنها مقدمه على المقبول بالتجوهر فكذا إذا قيل بالماهية الوجوبية له تعالى ينبغي ان يقال إنها فاعله لوجوده وإذا قيل بأنها فاعله لا بد ان يقال إنها مقدمه بالوجود وكل ذلك نشأ من القول بان فيه شيئا وشيئا ولو باعتبار العقل وان كانت قابله والقبول بمعنى الموصوفية كما في الأربعة والزوجية كانت فاعله أيضا ولزم المحذور وان كانت قابله والقبول بمعنى الانفعال كانت ماهية امكانية وهو الخلف وان لم تكن فاعله ولا قابله لم يؤد التركيب إلى الوحدة لعدم ارتباط بينهما ولزم الاثنينية كما في الحجر الموضوع بجنب الانسان وإن كان الوجود فاعلا أو قابلا والقبول بمعنى الموصوفية فالماهية لا تكون مجعولة لأنها دون الجعل وإن كان قابلا والقبول بمعنى الانفعال كانت الماهية صفه زائدة على الوجود متجددة وان لم يكن فاعلا ولا قابلا لها لزم مثل ما مر وأيضا على أكثر التقادير لزم الخلف وهو ان ما هو الواجب هو الوجود والماهية خارجه.
ولنا وجه آخر سوى ما ذكرنا في حواشينا على السفر الأول وهو ان الماهية لما كانت حيثية ذاتها حيثية الاختلاط والضيق فلو كانت هي حقيقة الواجب تعالى لم يكن محيطا كما ترى ان كل ماهية تنافى الماهية الأخرى ولولا الوجود لم يصدق الطبائع بعضها على بعض والوجود الحقيقي حيثية ذاته حيثية الوحدة والسعة لا يضاد الأشياء والماهيات ولا ينافيها حتى أن كل ماهية وجود بالحمل الشائع الصناعي فتفطن.
وجه آخر الشئ المتحقق اما وجود واما ماهية والماهيات كلها كماهية واحده فإنها ليست شيئية الوجود ولا العدم والماهية لا تليق بالحضرة الربوبية لأنها حيثية عدم الاباء عن الوجود والعدم فبقي الوجود لأنه حيثية الاباء عن العدم س قده