الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٧٠
منهم الايمان والطاعة وكره منهم الكفر والمعصية وقالوا وعلى هذا يظهر أمور (1) الأول فائدة التكليف بالأوامر والنواهي وفائدة الوعد والوعيد الثاني استحقاق الثواب والعقاب الثالث تنزيه الله سبحانه عن ايجاد القبائح (2) والشرور من أنواع الكفر و المعاصي والمساوي وعن ارادتها لكنهم غفلوا عما يلزمهم فيما ذهبوا إليه من اثبات الشركاء لله (3) بالحقيقة وقد علمت أن الوجود مجعول له على الاطلاق ولا شبهه في أن مذهب من جعل افراد الناس كلهم خالقين لأفعالهم مستقلين في ايجادها أشنع من مذهب من جعل الأصنام أو الكواكب شفعاء عند الله وأيضا يلزمهم ان ما أراد ملك الملوك لا يوجد في ملكه وان ما كرهه يكون موجودا فيه وذلك نقصان شنيع وقصور شديد في السلطنة والملكوت تعالى القيوم عن ذلك علوا كبيرا.
وذهب جماعه أخرى كالأشاعرة ومن يحذو حذوهم إلى أن كل ما يدخل في الوجود فهو بإرادته تعالى من غير واسطه سواء كان من الأمور القائمة بذاتها أو من الصفات التابعة لغيرها من أفعال العباد وإراداتها وأشواقها وحركاتها وطاعاتها و معاصيها وغيرها ويقولون ان اراده الله متعلقه بكل كائن غير متعلقه بما ليس بكائن على ما اشتهر بين الناس ان كل ما يقع في العالم فهو بقضاء الله تعالى وقدره وما روى عن النبي ص ان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فلا موجد ولا مؤثر في الوجود و

(1) وربما يصحح الأشاعرة بعض هذه الأمور بالكسب فقالوا الافعال واقعه بقدره الله تعالى وكسب العبد على معنى ان الله جرى عادته بان العبد إذا صمم العزم على الطاعة مثلا يخلق فعل الطاعة فيه وهذا القدر كاف في الأمر والنهي والثواب والعقاب وربما يمثلون بمن يحمل شيئا ثقيلا على كاهله ويذهب به ويجعل آخر يده تحت ذلك الحمل من غير أن يكون شئ عمن وزره وثقله على يده ولا يخفى ان معذرتهم شر من جريمتهم س قده (2) حكى انه دخل القاضي عبد الجبار دار الصاحب بن عباد فرأى الأستاذ أبا إسحاق الأسفرائيني فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء فقال الأستاذ سبحان من لا يجرى في ملكه الا ما يشاء س قده (3) وقد قال الله تعالى أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار وقال النبي ص القدرية مجوس هذه الأمة وقد نسب كل من الأشعري والمعتزلي هذا القول إلى صاحبه - س قده.
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست