بل بمعنى ان فعل زيد مع أنه فعله بالحقيقة دون المجاز فهو فعل الله بالحقيقة فلا حكم الا لله ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم يعنى كل حول فهو حوله وكل قوة فهي قوته فهو مع غاية عظمته وعلوه ينزل منازل الأشياء ويفعل فعلها كما أنه مع غاية تجرده وتقدسه لا يخلو منه ارض ولا سماء كما في قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم.
فإذا تحقق هذا المقام ظهر ان نسبه الفعل والايجاد إلى العبد صحيح كنسبة الوجود والسمع والبصر وسائر الحواس وصفاتها وأفعالها وانفعالاتها من الوجه الذي بعينه ينسب إليه فكما ان وجود زيد بعينه امر متحقق في الواقع منسوب إلى زيد بالحقيقة لا بالمجاز وهو مع ذلك شان من شؤون الحق الأول فكذلك علمه وارادته وحركته وسكونه وجميع ما يصدر عنه منسوبة إليه بالحقيقة لا بالمجاز والكذب فالانسان فاعل لما يصدر عنه ومع ذلك ففعله أحد أفاعيل الحق على الوجه الاعلى الأشرف اللائق بأحدية ذاته (1) بلا شوب انفعال ونقص وتشبيه ومخالطة بالأجسام و الأرجاس والأنجاس تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
فالتنزيه والتقديس يرجع إلى مقام الأحدية التي يستهلك فيه كل شئ وهو الواحد القهار الذي ليس أحد غيره في الدار والتشبيه راجع إلى مقامات الكثرة و المعلولية والمحامد كلها راجعه إلى وجهه الإحدى وله عواقب الاثنية والمدائح و