العلة والمعلول وينكرون الايجاب والاستلزام في الفاعل مطلقا سواء كان واجب الوجود أو غيره وذلك لاثباتهم القدرة بالمعنى المذكور من غير مرجح وداع فهم بهذا المذهب المشهور عنهم أبعد خلق الله عن منهج الحكمة والمعرفة الا ان يكون مراد شيخهم ومتقدميهم شيئا آخر وهو نفى اللمية الزائدة على ذاته عنه في فعله المطلق واما النزاع بين الحكماء والمعتزلة فإنما هو في نفى الغاية الزائدة عن ذاته في فعله المطلق واثباتها فيه فان الحكماء ذهبوا إلى أن فعله سبحانه مطلقا لا يكون لغرض سواه من ايصال خير بممكن أو نفع أو ثواب أو غير ذلك لكن يترتب على أفعاله هذه الغايات والاغراض والمعتزلة أثبتوا لفعله الغرض العائد إلى العباد واما الافعال الخاصة فلكل منها سبب غائي وغرض لفاعله فيه عندهم يستكمل فاعل ذلك الفعل به سواء كان يلحق به لحوقا زمانيا كما في الفواعل التي تحت الكون أو لحوقا غير زماني كما في ما فوق الكون.
واعلم أن العلة الغائية كما مر في مباحث العلل هي العلة الفاعلية بحقيقتها ومهيتها لفاعلية الفاعل فهي بالحقيقة الفاعل الأول أي فاعل الفعل بما هو فاعل بالفعل وهي أيضا غرض بما هو ملحوظ الفاعل في فعله وهما متحدان بالذات متغائران بالاعتبار فهناك شئ واحد يسمى بالعلة الغائية والغرض وكذلك الفائدة المترتبة على الفعل والغاية المنتهى إليها الفعل متحدتان ذاتا متغائرتان بالاعتبار فالخيرية والتمامية اللازمة لوجود الفعل في الخارج من حيث يترتب على الفعل فائدة (1) ومن حيث ينساق إليه الفعل غاية وافعال الفاعل المختار يكون فيها الأمور الأربعة ويترتب الاغراض والغايات مترتبة متسلسلة إلى الغرض الأخير الذي هو مبدأها جميعا ومنتهاها وهو الغرض بالحقيقة والغاية عند التفتيش وقد علمت في تلك المباحث ان هذه المعاني الأربعة أعني العلة الغائية والفائدة والغاية والغرض كلها في فعل الله سبحانه شئ واحد هو ذاته الأحدية ومرجعها إلى العناية التي هي