ان يكون المدرك محلا للصورة المعقولة فإنك تعقل ذاتك مع أنك لست بمحل لها بل كونك محلا لها من شروط حصولها لك الذي هو مناط عقلك إياها فان حصلت هي لك على جهة أخرى سوى الحلول فيك لعقلتها من غير حلول فيك فاذن المعلولات الذاتية للعاقل الفاعل لذاته حاصله له من غير أن يحل فيه (1) فهو عاقل إياها بأنفسها بلا حلولها فيه.
فإذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أن الواجب لذاته لما لم يكن بين ذاته و بين عقله لذاته مغايرة بل كان عقله لذاته هو نفس ذاته فكذلك لا مغايرة بين وجود المعلول الأول وبين تعقل الواجب له إذ عقله لذاته علة عقله لمعلوله الأول كما أن ذاته علة ذات المعلول الأول فإذا حكمت باتحاد العلتين فاحكم باتحاد المعلولين فاذن وجود المعلول الأول هو نفس تعقل الواجب لذاته له من غير استيناف صوره تحل في ذات الأول تعالى عن ذلك علوا كبيرا وقد عرفت ان كل مجرد يعقل ذاته وغيره من المجردات (2) فالجواهر العقلية لما كانت تعقل ما ليست بمعلولات لها بحصول