اتهامهم هذا. بأن المادية التاريخية تقوم على أمرين: أحدهما: الإيمان بوبجود الحقيقة الموضوعية، والآخر: أن الأحداث التاريخية لم تخلق صدفة، وإنما وجدت وفقا لقوانين عامة يمكن دراستها وتفهمها. معارضة للمادية التأريخية، مردها إلى المناقشة في هذين لأمرين.
وعلى هذا الأساس كتب بعض الماركسيين يقول:
((قد دأب أعداء المادية التاريخية، أعداء علم التاريخ على أن يفسروا الاختلافات في إدراك الأحداث التاريخية، على أنها دليل على عدم وجود حقيقة ثابتة، ويؤكدون أننا قد نختلف في وصف حادث وقع قبل يوم، فكيف بأحداث قد وقعت قبل قرون؟!.)) (1) وقد شاء الكاتب بهذا، أن يفسر كل معارضة للمادية التاريخية، على أساس أنها محاولة للتشكيل في الجانب الموضوعي للتاريخ، وفي الحقائق الموضوعية للأحداث التاريخية. وهكذا يحتكر الكاتب، الإيمان بالواقع الموضوعي، لمفهومه التأريخي الخاص.
ولكن من حقنا أن نتساءل: هل أن عداء المادية التأريخية، يعني حقا التشكيك في وجود الحقيقة، خارج شعور الباحث وإدراكه أو انكارها؟.
والواقع أننا لا نجد في هذه المزاعم. شيئا جديدا على الصعيد التأريخي، فقد استمعنا إلى هذا اللون من المزاعم قبل ذلك في الحقل الفلسفي، حين تناولنا في (فلسفتنا) المفهوم الفلسفي للعالم. فان الماركسيين كانوا يصرون: أن المادية، أو المفهوم المادي للعالم، وهو وحده الاتجاه الواقعي، في مضمار البحث الفلسفي. لأنه اتجاه قائم على أساس الإيمان بالواقع الموضوعي للمادة، وليس للمسألة الفلسفية جواب إذ انحرف البحث عن الاتجاه المادي، إلا المثالية. التي تكفر بالواقع الموضوعي، وتنكر وجوده المادة. فالكون إما أن يفسر تفسيرا مثاليا لا مجال فيه لواقع موضوعي مستقل عن الوعي والشعور، وإما أن يفسر بطريقة علمية، على أساس