وما قاتل علي أصحاب الجمل وأهل صفين ليسلموا وإنما قاتلهم لبغيهم عليه، لذلك قال لأصحابه: لا تبدؤهم بقتال حتى يبدؤكم، ونهى عن اتباع من أدبر منهم وعن أن يذفف على جريح منهم.
ومنهم الحافظ الشيخ أبو محمد علي بن محمد بن حزم الأندلسي الظاهري المتوفى سنة 456 في (المحلى) (ح 11 ص 101 ط القاهرة) قال:
وقد روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريح قال: أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال علي بن أبي طالب:
لا يذفف على جريح ولا يقتل أسير ولا يتبع مدبر، وكان لا يأخذ مالا لمقتول يقول:
من اعترف شيئا فليأخذه.
ومن طريق عبد الرزاق عن يحيى بن العلاء عن جويبر قال: أخبرتني امرأة من بني أسد قالت: سمعت عمارا بعد ما فرغ علي من أصحاب الجمل ينادي: لا تقتلن مدبرا ولا مقيلا، ولا تذففوا على جريح ولا تدخلوا دارا ومن ألقى السلاح فهو آمن كالمأسور قد قدرنا أن نصلح بينه وبين المبغي عليه بالعدل وهو أن نمنعه من البغي بأن نمسكه ولا ندعه يقاتل وكذلك الجريح إذا قدرنا عليه.
ومنهم العلامة البيهقي في (السنن الكبرى) (ح 8 ص 181 ط حيدر آباد) قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمان بن عبيد الله بن عبد الله الحرني، ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا زيد بن الحباب حدثني جعفر بن إبراهيم من ولد عبد الله بن جعفر ذي الجناحين، حدثني محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب أن عليا رضي الله عنه لم يقاتل أهل الجمل حتى دعا الناس ثلاثا حتى إذا كان اليوم الثالث دخل عليه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهم فقالوا:
قد أكثروا فينا الجراح فقال: يا ابن أخي والله ما جهلت شيئا من أمرهم إلا ما كانوا