فرمى كل واحد منهما بنفسه عن فرسه، وتلاقيا، وكف أهل الجيشين عنهما لينظرا ما يكون من أمرهما، فتجاولا ساعة بسيفهما، فلم يقدر أحد منهما على الآخر، ثم إنهما تجاولا ثانية فتبين للعباس وهن في درع الشامي وكان سيف العباس قاطعا فضربه بالسيف على وسط الدرع فقسمه بنصفين فكبر الناس وعجبوا لذلك وعطف العباس على فرسه فركبها، وجال بين الصفين فقال معاوية لأصحابه: من خرج منكم لهذا الفارس فقتله فله عندي ديتان، فخرج فارسان من لخم وقال كل واحد منهما: أنا له فقال: اخرجا فأيكما قتله فله عندي ما قلت، وللآخر نصف مثله، فخرجا جميعا، ووقفا في مقر المبارزة، ثم صاحا يا عباس هل لك في المبارزة فابرز لأينا اخترت فقال: استأذن أميري أرجع إليكما فجاء إلى علي عليه السلام فستأذنه فقال: أنا لهما أدن مني يا عباس، وهات لبسك، وفرسك وجميع ما عليك، وخذ لبسي، وفرسي، ثم إن عليا عليه السلام خرج إليهما فجال بين الصفين وكل من رآه يظنه العباس، فقال له: اللخميان استأذنت صاحبك فتحرج علي عليه السلام من الكذب، فقال: (أذن اللذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) فتقدم إليه أحدهما، فاختلفا بضربتين، وسبقه أمير المؤمنين بالضربة فجاء على بطنه فقطعه بنصفين، فتقدم إليه الآخر فما كان بأسرع من طرفة عين من أن ألحقه بصاحبه، وجال بين الصفين جولة، ورجع إلى مكانه، فتبين لأهل الشام ومعاوية أنه علي بن أبي طالب عليه السلام ولكنه تنكر فقال معاوية: قبح الله اللجاج إنه لقعود ما ركبه أحد قط إلا خذله فقال عمرو: المخذول والله اللخميان.
ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 88 ط العامرة بمصر) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة).