انقطعت بعده، فقال أمير المؤمنين: أخبرها أملكها بغير اعتراض؟ قالوا: نعم، فقال عليه السلام: يا حنفية أخبرك وأملكك، فقالت: من أنت أيها المخبري دون أصحابه؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقالت: لعلك الرجل الذي نصبه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بغدير خم علما للناس؟ فقال: أنا ذلك الرجل فقالت: من أجلك أصبنا ومن نحوك أتينا لأن رجالنا قالوا: لا نسلم صدقات أموالنا ولا طاعة نفوسنا إلا لمن نصبه محمد صلى الله عليه وسلم فينا وفيكم حكما، فقال علي: إن أجركم غير ضايع وإن الله يؤتي كل نفس ما عملت من خير، ثم قال: يا حنفية ألم تحمل بك أمك في زمان قحط حيث منعت السماء قطرها، والأرض نباتها. وغارت الأنهار حتى أن البهائم كانت تريد المرعى فلا تجد، وكانت أمك تقول: إنك حمل مشئوم في زمان غير مبارك، فلما كان بعد تسعة أشهر رأت في منامها كأنها قد وضعتك وإنها تقول: إنك حمل مشئوم في زمان غير مبارك، وكأنك تقولين يا أمي لا تطيرين فإني حمل مبارك أنشو نشوا ويملكني سيد وأرزق منه ولدا يكون للحنفية عزا فقالت: صدقت، فقال علي: إنه كذلك وبه أخبرني ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما العلامة التي بيني وبين أمي؟ فقال: لما وضعتك كتبت كلامك والرؤيا في لوح من نحاس وأودعته عتبة الباب، فلما كان بعد حولين عرضته عليك وأقررت به، فلما كان ست سنين فأقررت به، ثم جمعت بينك وبين اللوح، وقالت لك:
يا بنية إذا نزل بساحتكم سافك لدمائكم وناهب لأموالكم وسالب لذراريكم وسبيت فيمن سبي فخذي اللوح معك واجتهدي أن لا يملكك من الجماعة إلا من يخبرك بالرؤيا وبما في اللوح، فقالت: صدقت يا أمير المؤمنين فأين هو اللوح؟ فقال: هو في عقصتك، فعند ذلك دفعت اللوح إلى أمير المؤمنين فملكها، والله يا أبا جعفر بما ظهر من حجته وثبت من بينته فلعن الله من اتضح له الحق فجعل بينه وبين الحق سترا.